للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبا بكرة؟ قال: بسر يريد قتل أولاد زياد، فكتب معاوية إلى بسر أن خلّ من بيدك من ولد زياد، وكان معاوية قد كتب إلى زياد بعد قتل علىّ عليه السلام يتوعده.

(تاريخ الطبرى ٦: ٩٦)

[٢٧ - كتاب معاوية إلى زياد]

وروى ابن أبى الحديد قال:

كان علىّ عليه السلام قد ولّى زيادا قطعة من أعمال فارس، واصطنعه لنفسه، فلما قتل علىّ عليه السلام بقى زياد فى عمله، وخاف معاوية جانبه، وعلم صعوبة ناحيته، وأشفق من ممالأته الحسن بن علىّ عليه السلام، فكتب إليه:

«من أمير المؤمنين معاوية بن أبى سفيان إلى زياد بن عبيد (١)، أما بعد: فإنك عبد قد كفرت النعمة، واستدعيت النّقمة، ولقد كان الشكر أولى بك من الكفر، وإن الشجرة لتضرب بعرقها، وتتفرّع من أصلها، إنّك- لا أمّ لك (٢) بل لا أب لك- قد هلكت وأهلكت (٣)، وظننت أنك تخرج من قبضتى،


(١) ذكروا أن سمية أم زياد كانت قد وهبها أبو الخير بن عمرو الكندى للحارث بن كلدة- وكان طبيبا يعالجه- فولدت له على فراشه نافعا، ثم ولدت أبا بكرة فأنكر لونه، وقيل له: إن جاريتك بغى، فانتفى من أبى بكرة ومن نافع، وزوجها عبيدا- وكان عبدا لابنته- فولدت على فراشه زيادا (العقد الفريد ٣: ٢).
(٢) يقول الرجل للرجل «لا أم لك» وهو شتم وسب، ومعناه: ليس لك أم حرة. وذلك أن بنى الإماء عند العرب مذمومون ليسوا بمرضيين ولا لاحقين ببنى الحرائر، وقيل معناه: أنت لقيط لا تعرف لك أم، ولا يقول الرجل لصاحبه «لا أم لك» إلا فى غضبه عليه مقصرا به شاتما له (وربما وضع موضع المدح بمعنى التعجب منه).
وأما إذا قال «لا أبا لك» - ويقال أيضا لا أب لك ولا أباك ولا أبك بغير لام- فلم يترك له من الشتيمة شيئا، وإذا أراد كرامة قال «لا أبا لشانيك» «ولا أب لشانيك».
وجاء فى كتب اللغة أيضا وأكثر ما يذكر «لا أبا لك» فى المدح، أى لا كافى لك غير نفسك وقد يذكر فى معرض الذم كما يقال لا أم لك، وقد يذكر فى معرض التعجب ودفعا للعين كقولهم لله درك، وقد يذكر بمعنى جد فى أمرك وشمر، لأن من له أب اتكل عليه فى بعض شانه».
وجاء فيها «لا أبا لك: دعاء فى المعنى لا محالة وفى اللفظ خبر، يقال لمن له أب ولمن لا أب له، وقيل لا أبا لك: كلمة تفصل بها العرب كلامها».
(٣) أى وأهلكت أسرتك لأن خروجك على يعرضها لبطشى بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>