للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صورة أخرى]

وروى ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة، قال:

مات معاوية وكان يزيد غائبا، فلما قدم دمشق بعد موت أبيه كتب إلى عامل المدينة (١):

«أما بعد: فإن معاوية بن أبى سفيان كان عبدا استخلفه الله على العباد، ومكّن له فى البلاد، وكان من حادث قضاء الله «جلّ ثناؤه، وتقدّست أسماؤه» فيه ما سبق فى الأوّلين والآخرين، لم يدفع عنه ملك مقرّب، ولا نبى مرسل، فعاش حميدا، ومات سعيدا، وقد قلّدنا الله عزّ وجل ما كان إليه، فيالها مصيبة ما أجلّها! ونعمة ما أعظمها! نقل الخلافة، وفقد الخليفة، فنستوزعه (٢) الشكر، ونستلهمه الحمد، ونسأله الخيرة (٣) فى الدّارين معا، ومحمود العقبى فى الآخرة والأولى، إنه ولىّ ذلك، وكلّ شىء بيده لا شريك له.

وإن أهل المدينة قومنا ورجالنا ومن لم نزل على حسن الرأى فيهم، والاستعداد بهم، واتباع أثر الخليفة فيهم، والاحتذاء على مثاله لديهم، من الإقبال عليهم، والتقبّل من محسنهم، والتجاوز عن مسيئهم، فبايع لنا قومنا ومن قبلك من رجالنا


(١) نص عبارته «كتب إلى خالد بن الحكم وهو عامل المدينة» وهو خطأ، إذا لا يعرف من ولاة المدينة فى هذا العهد وال بذلك الاسم، ولعل الأصل «إلى مروان بن الحكم» وهذا خطأ أيضا، أجل إن مروان ولى المدينة فى خلافة معاوية، ولكن وليها حين وفاته هو الوليد بن عتبة بن أبى سفيان كما تقدم لك فى الكتاب السابق- عن تاريخ الطبرى- وجاء أيضا فى صبح الأعشى ج ٤: ص ٢٩٥ «ولى معاوية على المدينة سنة ٤٢ هـ مروان بن الحكم، ثم عزله سنة ٤٩ هـ وولى مكانه سعيد بن العاص، ثم عزله سنة ٥٤ هـ ورد إليها مروان بن الحكم، ثم عزله سنة ٥٩ هـ وولى مكانه الوليد بن عتبة بن أبى سفيان ثم عزله يزيد عن المدينة والحجاز، وولى مكانه عمرو بن سعيد الأشدق، ثم عزله سنة ٦١ هـ وعاد الوليد بن عتبة».
(٢) أستوزع الله تعالى شكره: استلهمه.
(٣) تخير الشىء: اختاره، والاسم الخيرة بسكون الياء وبفتحها والأخيرة أعرف وهى الاسم، من قولك اختاره الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>