للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٠ - رد أبى جعفر على النفس الزكية]

فكتب إليه أبو جعفر:

«بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله: عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله. أما بعد:

فقد أتانى كتابك، وبلغنى كلامك، فإذا جلّ فخرك بقرابة النساء، لتضلّ به الجفاة والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة (١) والآباء، ولا كالعصبة والأولياء، لأن الله جعل العمّ أبا وبدأ به فى كتابه على الوالد الأدنى، فقال جل ثناؤه عن نبيه يوسف عليه السلام: «واتّبعت ملّة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب (٢)»، ولقد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، وعمومته أربية، فأنزل الله عز وجل «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» فأنذرهم ودعاهم، فأجاب اثنان أحدهما أبى (٣)، وكفر اثنان أحدهما أبوك (٤)، فقطع الله ولايتهما منه، ولم يجعل بينه وبينهما إلّا (٥)، ولا ذمّة، ولا ميراثا.


- دونكم، وبنو بنته فاطمة فى الإسلام من بينكم، فأنا أوسط بنى هاشم نسبا، وخيرهم أما وأبا، لم تلدنى العجم، ولم تعرق فى أمهات الأولاد، وإن الله عز وجل لم يزل يختار لنا، فولدنى من النبيين أفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أصحابه أقدمهم إسلاما، وأوسعهم علما، وأكثرهم جهادا، على بن أبى طالب، ومن نسائه أفضلهن خديجة بنت خويلد، أول من آمن بالله وصلى إلى القبلة، ومن بناته أفضلهن وسيدة نساء أهل الجنة، ومن المولودين فى الإسلام الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم قد علمت أن هاشما ولد عليا مرتين، وأن عبد المطلب ولد الحسن مرتين، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدنى مرتين من قبل جدى الحسن والحسين، فما زال الله يختار لى ... الخ».
(١) لا يجهل أبو جعفر أن النفس الزكية فضلا عن قرابته برسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة النساء (إذ أن جده الحسن بن على هو ابن فاطمة بنت رسول الله) له به قرابة من جهة العمومة أيضا كأبى جعفر (إذ أن جده أبا طالب عم رسول الله، كما أن العباس جد المنصور عم رسول الله) غير أن العباسيين كانوا يرون أنهم أحق بالخلافة من العلوبين. لأن رسول الله مات وعمه العباس حى، فهو أولى بوراثته بعصبية العمومة من ابن عمه على، ومقدم عليه فى الميراث، وسترى أبا جعفر يصرح فى أواخر هذه الرسالة بأن العباس هو وارث الرسول.
(٢) أقول: ولا تنهض الآية دليلا لأبى جعفر، فإن المذكورين فيها ليسوا بأعمام ليوسف، بل يعقوب أبوه، وإسحاق جده، وإبراهيم أبو جده، على أن البدء فيها بإبراهيم لغرض، فهو أبو الملة وأبناؤه تبع له فيها.
(٣) يعنى جده العباس، وثانيهما سيدنا حمزة.
(٤) يعنى جد النفس الزكية أبا طالب، وثانيهما أبو لهب.
(٥) أى عهدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>