للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٤٠ - رد ابن عباس على معاوية]

فلما أتى كتاب معاوية إلى ابن عباس ضحك ثم قال: حتى متى يخطب ابن هند إلىّ عقلى، وحتى متى أجمجم (١) عنه ما فى نفسى؟ فكتب إليه:

«أما بعد: فقد جاءنى كتابك وقرأته، فأما ما ذكرت من سرعتنا بالمساءة إلى أنصار عثمان وكراهتنا لسلطان بنى أمية، فلعمرى لقد أدركت فى عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبينى وبينك فى ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عقبة، وأما طلحة والزبير، فإنهما أجلبا عليه وضيّقا خناقه (٢)، ثم خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك، فقاتلناهما على النّكث كما قاتلناك على البغى، وأما قولك إنه لم يبق من قريش غير ستة، فما أكثر رجالها، وأحسن بقيّتها! وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، ولم يخذلنا إلا من خذلك. وأما إغراؤك إيانا بعدى وتيم، فإن أبا بكر وعمر خير من عثمان كما أن عثمان خير منك، وقد بقى لك منا ما ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده، وأما قولك: إنه لو با يعنى الناس استقمت، فقد بايع الناس عليّا، وهو خير منى فلم تستقم له، وما أنت وذكر الخلافة يا معاوية؟ وإنما أنت طليق، وابن طليق والخلافة للمهاجرين الأولين وليس الطّلقاء منها فى شئ، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد م: ٢ ص ٢٨٩، والإمامة والسياسة ١: ٨٥)

[٤٤١ - كتاب على إلى معاوية]

وكتب معاوية إلى علىّ عليه السلام يسأله إقراره على الشأم، فكتب إليه علىّ:

«أما بعد: فإن الدنيا حلوة خضرة (٣) ذات زينة وبهجة، لم يصب إليها أحد إلا


(١) جمجم فى صدره شيئا: أخفاه ولم يبده.
(٢) الخناق: الحبل يختنق به.
(٣) أخذها من قوله صلى الله عليه وسلم فى إحدى خطبه «ألا إن الدنيا خضرة حلوة، انظر جمهرة خطب العرب ١: ٥٤، وخضرة: أى ناضرة من خضر الزرع كفرح فهو أخضر وخضر، وصبا إليه: مال.

<<  <  ج: ص:  >  >>