للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين فهزموهم، وكانت فى المسلمين جولة قد كنت أشفقت أن تكون هى إلّا صرّى (١) منهم، فلما رأيت ذلك عمدت إلى مكان يفاع (٢) فعلوته، ثم دعوت إلىّ عشيرتى خاصّة والمسلمين عامة، فثاب إلىّ أقوام شروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله، من أهل الدين والصبر والصدق والوفاء، فقصدت بهم إلى عسكر القوم، وفيه جماعتهم وحدّهم، وأميرهم قد أطاف به أولو فضلهم فيهم وذوو النيّات (٣) منهم، فاقتتلنا ساعة، رميا بالنّبل وطعنا بالرماح، ثم خلص الفريقان إلى السيوف، فكان الجلاد بها ساعة من النهار مبالطة (٤) ومبالدة، ثم إن الله عز وجل أنزل نصره على المؤمنين، وضرب وجوه الكافرين، ونزل طاغيتهم فى رجال كثير من حماتهم وذوى نيّاتهم، فقتلهم الله فى المعركة، ثم أتبعت الخيل شرّادهم، فقتلوا فى الطريق والإخاذ (٥) والقرىّ، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليك ورحمة الله».

فلما أتى هذا الكتاب الحارث بن عبد الله بعث به إلى ابن الزبير فقرئ على الناس بمكة.

(تاريخ الطبرى ٧: ٨٩)

[صورة أخرى لرد الحارث على المهلب]

وروى الطبرى أيضا رد الحارث بن عبد الله على كتاب المهلب بصورة أخرى، وهى:

وكتب الحارث بن أبى ربيعة إلى المهلب:

«أما بعد: فقد بلغنى كتابك تذكر فيه نصر الله إياك وظفر المسلمين، فهنيئا لك يا أخا الأزد بشرف الدنيا وعزّها، وثواب الآخرة، وفضلها، والسلام عليك ورحمة الله». (تاريخ الطبرى ٧: ٨٩)


(١) أصر على الأمر: عزم، وهو منى صرى، اى عزيمة قاطعة وجد.
(٢) اليفاع واليفع بالتحريك: التل.
(٣) أى وذوو النيات الصادقة منهم، وربما كان الأصل «وذوو الثبات منهم».
(٤) المبالطة والتبالط: التجالد بالسيوف، وكذا المبالدة: المبالطة بالسيوف والعصى.
(٥) الإخاذ: الغدران جمع إخاذة، والقرى: مسيل الماء من التلاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>