للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣ - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر]

وروى أن أبا جعفر حرّض أبا العباس على قتل أبى مسلم حين قدم عليه، وما زال به حتى وافقه على قتله، ثم عدل عن إنفاذه (١).

قال ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة:

وذكروا أن أبا مسلم لما رجع من عند أبى العباس، وقد قيل له بالعراق: إن القوم أرادوك (٢) لولا ما توقّعوا ممن معك من أهل خراسان، فلما كان فى بعض الطريق كتب إلى أبى جعفر:

«أما بعد: فإنى كنت قد اتخذت أخاك (٣) إماما ودليلا على ما افترض الله على خلقه، وكان فى محلّه من العلم وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث كان، فقمعنى بالفتنة، واستجهلنى بالقرآن، فحرّفه عن مواضعه طمعا فى قليل قد نعاه الله إلى خلقه، فمثّل الضّلالة فى صورة الهدى، فكان كالذى ضلّ بغروره، حتى وترت أهل الدين والدنيا فى دينهم، واستحللت بما كان من ذلك من الله النّقمة، وركبت


(١) قال أبو جعفر لأبى العباس: يا أمير المؤمنين، أطعنى واقتل أبا مسلم، فو الله إن فى رأسه لغدرة، فقال يا أخى قد عرفت بلاءه وما كان منه، فقال أبو جعفر: يا أمير المؤمنين، إنما كان بدولتنا، والله لو بعثت سنورا لقام مقامه وبلغ ما بلغ فى هذه الدولة، فقال له أبو العباس: فكيف نقتله؟
قال: إذا دخل عليك وحادثته وأقبل عليك، دخلت فتغفلته فضربته من خلفه ضربة أتيت بها على نفسه، فقال أبو العباس: فكيف بأصحابه الذين يؤثرونه على دينهم ودنياهم؟ قال: يئول ذلك كله إلى ما تريد، ولو علموا أنه قد قتل تفرقوا وذلوا، قال: عزمت عليك إلا كففت عن هذا، قال: أخاف والله إن لم تتغده اليوم أن يتعشاك غدا، قال: فدونكه فأنت أعلم، فخرج أبو جعفر من عنده عازما على ذلك، فلما دخل أبو مسلم على أبى العباس بعث أبو العباس خصياله فقال: اذهب فانظر ما يصنع أبو جعفر، فأتاه فوجده محتبيا بسيفه، فقال للخصى: أجالس أمير المؤمنين؟ فقال له: قد تهيأ للجلوس، ورجع الخصى إلى أبى العباس فأخبره بما رأى منه فرده إلى أبى جعفر وقال له: قل له عزمت عليك أن لا تنفذ الأمر الذى عزمت عليه، فكف أبو جعفر- انظر تاريخ الطبرى ٩: ١٥٣ والإمامة والسياسة ٢: ١٠٩.
(٢) أى أرادوا قتلك.
(٣) يعنى أخاه إبراهيم الإمام ابن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، وقد قدمنا لك خبره فى الجزء الثانى ص ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>