للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى سبيل الله على نفسى، وعلى ما يقرّبنى من مرضاة ربى عز وجل، فإذا أتاك كتابى هذا فابعث إلى عملك من هو أرغب فيه منى، فليعمل لك عليه ما بدا لك، فإنى قادم عليك وشيكا إن شاء الله والسلام».

فلما وصل كتابه إلى أبى عبيدة قال: أشهد ليفعلنّها، فقال ليزيد بن أبى سفيان:

اكفنى دمشق، فوجّهه إليها، فسار يزيد إليها فوليها.

(فتوح الشأم ص ٢٢١)

[١٤٤ - كتاب أبى عبيدة إلى عمر]

فلما حصر أبو عبيدة أهل إيلياء ورأو أنه غير مقلع عنهم، وأنهم لا طاقة لهم بحربه، سألوه الصلح، فقبل منهم فقالوا: أرسل إلى خليفتكم عمر فيكون هو الذى يعطينا العهد، وهو يصالحنا ويكتب لنا الأمان، فقبل ذلك أبو عبيدة منهم وهمّ بالكتاب، فقال له معاذ بن جبل: تكتب إلى أمير المؤمنين، وتسأله القدوم عليك فلعلّه يقدم عليك، ثم يأبى هؤلاء الصلح، فيكون مسيره عناء وفضلا (١)، فلا تكتب إليه حتى تتوثق من هؤلاء، وتستحلفهم بأيمانهم المغلّظة: لئن أنت سألت أمير المؤمنين القدوم عليهم، وكتبت إليه بذلك فقدم عليهم فأعطاهم الأمان، وكتب لهم كتابا على الصلح ليقبلن ذلك، ففعل أبو عبيدة ما أشار به معاذ، ثم كتب إلى عمر رضى الله عنه:

«بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبى عبيدة بن الجراح، سلام عليك فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا أقمنا على إيلياء، وظنوا أن لهم فى المطاولة بهم فرجا ورجاء، فلم يزدهم الله بها إلا ضيقا ونقصا وهزلا وأزلا (٢)، فلما رأوا ذلك سألونا أن نعطيهم ما كانوا به ممتنعين قبل ذلك، وله كارهين، وإنهم سألوا الصلح على أن يقدم عليهم أمير المؤمنين فيكون هو المؤمّن لهم، والكاتب لهم كتابا، وإنا خشينا أن يقدم أمير المؤمنين، ثم يغدر القوم، فيرجعون،


(١) الفضل: الزيادة.
(٢) الأزل: الضيق والشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>