للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلعمرى لئن جزعت عليه ... لجزوع على الصديق أسوف (١)

ولعمرى لئن ملكت عزائى ... لقليل شرواك فيما أطوف (٢)

فلما قرأ أبىّ كتاب عدىّ قام إلى كسرى فكلمه فى أمره وعرّفه خبره، فكتب إلى النعمان يأمره بإطلاقه، ولكن النعمان اغتاله، وتقدّم إلى رسول كسرى أن ينبئه بأنّ عديا قد مات قبل أن يقدم عليه (٣).

(تاريخ الطبرى ٢: ١٤٩، والأغانى ٢: ٢٦)

[٦ - كتاب النعمان بن المنذر إلى كسرى]

وندم النعمان على قتل عدىّ. وعرف أنه احتيل عليه فى أمره، واجترأ أعداء عدىّ على النعمان، وهابهم هيبة شديدة، ثم إنه خرج إلى صيده ذات يوم فلقى ابنا لعدى يقال له زيد، فلما رآه عرف شبهه فقال له: من أنت؟ فقال: أنا زيد بن عدى بن زيد، فكلّمه فإذا غلام ظريف، ففرح به فرحا شديدا، وقرّبه وأعطاه ووصله، واعتذر إليه من أمر أبيه وجهّزه، ثم كتب إلى كسرى:


الخير والنعمة، والمعنى: إن تذهب عنى وتفجعنى ببعدك، فإن ما ألقاه بعدك من نعمة- وإن جلت- لن تكون خلفا عنك، ولن أرى فيها بديلا منك، وفى الأغانى: «إن يعنى والله إلف فجوع لا يعنيك ... »، وهو تحريف.
(١) الأسوف والأسيف: الحزين.
(٢) الشروى: المثل.
(٣) وذلك أن أبيا كان قد تقدم إلى رسول كسرى ورشاه وأمره أن يبدأ بعدى، وقال له:
ادخل عليه فانظر ما يأمرك به، فدخل الرسول على عدى، فقال: إنى قد جئت بارسالك، فما عندك؟
قال: عندى الذى تحب، ووعده عدة سنية، وقال له لا تخرجن من عندى، وأعطنى الكتاب حتى أرسله إليه، فإنك والله إن خرجت من عندى لأقتلن، فقال: لا أستطيع إلا أن آتى الملك بالكتاب فأوصله إليه، فانطلق بعض من كان هناك من أعدائه، فأخبر النعمان أن رسول كسرى قد دخل على عدى وهو ذاهب به، وإن فعل لم يستبق منا أحدا أنت ولا غيرك، فبعث إليه النعمان أعداءه فغموه حتى مات ثم دفنوه ودخل الرسول على النعمان بالكتاب، فقال: نعم وكرامة، وأمر له بأربعة آلاف مثقال ذهبا وجارية حسناء، وقال له إذا أصبحت فادخل عليه فأخرجه أنت بنفسك، فلما أصبح ركب فدخل السجن، فأعلمه الحارس أنه قد مات منذ أيام، فلم نجترئ على أن نخبر الملك للفرق منه وقد علمنا كراهته لموته. فرجع إلى النعمان فقال: إنى قد دخلت عليه وهو حى! فقال له النعمان، أيبعث بك الملك إلى فتدخل إليه قبلى؟
كذبت! ولكنك أردت الرشوة والخبث، فتهدده ثم زاده جائزة وأكرمه، واستوثق منه ألا يخبر كسرى إلا أنه قد مات قبل أن يقدم عليه، فرجع الرسول إلى كسرى فقال: إنه قد مات قبل أن أدخل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>