للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٣ - رد معاوية عليه]

فكتب إليه معاوية:

«أمّا ما ذكرت من كبر سنّك فأنت أكلت شبابك، وأما ما ذكرت من اقتراب أجلك، فإنى لو أستطيع دفع المنيّة لدفعتها عن آل أبى سفيان، وأما ما ذكرت من سفهاء قريش فحكماؤها أحلّوك ذلك المحلّ، وأما ما ذكرت من العمل: فضحّ رويدا يدرك الهيجا حمل» (١).

(العقد الفريد ١: ٢٦)

[٤٤ - بين معاوية والمغيرة بن شعبة]

وكتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن «اكتب إلىّ بشىء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم»:

فكتب إليه: «سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله كره لكم ثلاثا:

قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال». (صحيح البخارى ١: ١٧٧)


(١) هو مثل، معناه لا تعجل فى الأمر وتأن وارفق، ضحى الإبل: غذاها فى الضحى، فتضحت هى: أى أكلت فى الضحى. وأصله أن العرب كانوا يسيرون فى البادية يوم ظعنهم، فإذا مروا ببقعة من الأرض فيها كلأ وعشب، قال قائلهم: ألا ضحوا رويدا: أى ارفقوا بالإبل حتى تتضحى: أى تنال من هذا المرعى، ثم وضعت التضحية مكان الرفق، لتصل الإبل إلى المنزل، وقد شبعت. والهيجا بالقصر والمد:
الحرب، وحمل: هو حمل بن سعدانة الصحابى، وقد قدمنا فى الجزء الأول ص ٤٠١ كلمة مطولة فى هذا المثل، فارجع إليها.
قال صاحب العقد: فلما انتهى الكتاب إلى المغيرة كتب إليه يستأذنه فى القدوم عليه فأذن له، فلما دخل عليه قال له: يا مغيرة، كبرت سنك، ورق عظمك ولم يبق منك شىء، وما أرانى إلا مستبدلا بك، قال المحدث عنه: فانصرف إلينا، ونحن نرى الكآبة فى وجهه، فأخبرنا بما كان من أمره، قلنا له فما تريد أن تصنع؟ قال: ستعلمون ذلك، فأتى معاوية فقال له: يا أمير المؤمنين إن الأنفس ليغدى عليها ويراح، ولست فى زمن أبى بكر وعمر، فلو نصبت لنا علما من بعدك نصير إليه فإنى قد دعوت أهل العراق إلى بيعة يزيد، فقال: يا أبا محمد، انصرف إلى عملك ورم هذا الأمر لابن أخيك، فأقبلنا نركض على النجب، فالتفت فقال: والله لقد وضعت رجله فى ركاب طويل ألقى عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>