للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خولك (١)، حتى تقف على باب ابن عمرو صاغرا مستأذنا عليه متنصلا إليه، أذن لك أو منعك، فإن حرّكته عواطف رحمة احتملك، وإن احتملته أنفة وحميّة من دخولك عليه، فقف ببابه حولا غير متحلحل ولا زائل، ثم أمرك بعد إليه، عزل أو ولّى، انتصر أو عفا، فلعنك الله من متّكل عليه بالثقة، ما أكثر هفواتك! وأقذع (٢) لأهل الشرف ألفاظك التى لا تزال تبلغ أمير المؤمنين، من إقدامك بها على من هو أولى بما أنت فيه من ولاية مصرى العراق، وأقدم وأقوم، وقد كتب أمير المؤمنين إلى ابن عمّه بما كتب به إليك من إنكاره عليك ليرى فى العفو عنك، والسّخط عليك رأيه، مفوّضا ذلك إليه، مبسوطة فيه يده محمودا عند أمير المؤمنين، على أيّهما آتى إليك موفّقا إن شاء الله تعالى». (تاريخ الطبرى ٨: ٢٥٠)

[٤٥٤ - كتاب هشام إلى ابن عمرو]

وكتابه إلى ابن عمرو:

«أما بعد: فقد بلغ أمير المؤمنين كتابك، وفهم ما ذكرت من بسط خالد عليك لسانه فى مجلس العامّة، محتقرا لقدرك، مستصغرا لقرابتك من أمير المؤمنين، وعواطف رحمه عليك (٣)، وإمساكك عنه تعظيما لأمير المؤمنين وسلطانه، وتمسّكا بوثائق عصم (٤) طاعته، مع مؤلم ما تداخلك من قبائح ألفاظه، وشرارة منطقه، وإكثابه (٥) عليك، عند إطراقك عنه، مروّيا فيما أطلق أمير المؤمنين من لسانه، وأطال من عنانه، ورفع من ضعته، ونوّه من خموله، وكذلك أنتم آل سعيد فى مثلها


(١) الخول: الحاشية، وصاغرا: ذليلا.
(٢) القذع محركة: الخنا والفحش والقذر، وقذعه كمنعه: رماه بالفحش وسوء القول كأقذعه:
(٣) أى ورحمه التى تعطفه عليك، والرحم: القرابة، «وإمساكك» معطوف على «بسط».
(٤) عصم: جمع عصمة بالكسر، وهى ما يعتصم به من عقد وسبب، أو هى عصم بضمتين جمع عصام بالكسر، وهو الحبل تشد به القربة، ورباط كل شىء.
(٥) الشرارة: مصدر كالشر. وكثب عليه: حمل وكر. وروى فى الأمر: نظر وفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>