للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند هذر الذّنابى (١) وطائشة أحلامها، صمت من غير إفحام، بل بأحلام تخفّ الجبال (٢) وزنا.

وقد حمد أمير المؤمنين تعظيمك إياه، وتوقيرك سلطانه، وشكره، وقد جعل أمر خالد إليك، فى عزلك إيّاه أو إقراره، فإن عزلته أمضى عزلك إياه، وإن أقررته فتلك منّة لك عليه، لا يشكرك أمير المؤمنين فيها، وقد كتب إليه أمير المؤمنين بما يطرد عنه سنة (٣) الهاجع عند وصوله إليه يأمره بإتيانك راجلا، على أيّة حال صادفه كتاب أمير المؤمنين، وألفاه رسوله الموجّه إليه من ليله أو نهاره، حتى يقف ببابك، أذنت له أو حجبته، أقررته أو عزلته، وتقدّم أمير المؤمنين إلى رسوله فى ضربه بين يديك على رأسه عشرين سوطا، إلا أن تكره أن يناله ذلك بسببك لحرمة خدمته، فأيّهما رأيت إمضاءه كان لأمير المؤمنين- فى برّك وعظم حرمتك وقرابتك، وصلة رحمك- موافقا، وإليه حبيبا، فيما ينوى من قضاء حق آل أبى العاص وسعيد، فكاتب أمير المؤمنين فيما بدا لك مبتدئا ومجيبا، ومحادثا وطالبا ما عسى أن ينزل بك أهلك من أهل بيت أمير المؤمنين، من حوائجهم التى تقعد بهم الحشمة عن تناولها من قبله، لبعد دارهم عنه، وقلّة إمكان الخروج لإنزالها به، غير محتشم من أمير المؤمنين ولا مستوحش من تكرارها عليه، على قدر قرابتهم وأديانهم وأنسابهم، مستمنحا ومسترفدا (٤) وطالبا مستزيدا، تجد أمير المؤمنين إليك سريعا بالبرّ، لما يحاول من صلة قرابتهم، وقضاء حقوقهم، وبالله يستعين أمير المؤمنين على ما ينوى، وإليه يرغب فى العون على قضاء حقّ قرابته، وعليه يتوكل، وبه يثق، والله وليّه ومولاه، والسلام».

(تاريخ الطبرى ٨: ٢٥١)


(١) هذر فى كلامه: كضرب ونصر هذرا وتهذارا: هذى، والهذر محركة: سقط الكلام. والذنابى:
أذناب الناس وسفلتهم. والأحلام: العقول جمع حلم بالكسر.
(٢) أى تخف وزن الجبال، أى يخف وزن الجبال إذا وزنت بها. وفى الأصل «تحف بالجبال» وأراه محرفا.
(٣) السنة: النعاس.
(٤) الاسترفاد: الاستعانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>