للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاتّهمه عمر، لأنه المشير، فكتب إلى عمرو بن العاص وهو عامله على مصر أن صف لى البحر وراكبه، فكتب إليه عمرو.

[١٧٠ - كتاب عمرو بن العاص إلى عمر]

«يا أمير المؤمنين، إن البحر خلق عظيم، يركبه خلق صغير، إن ركن (١) خرّق القلوب، وإن تحرّك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلّة والشكّ كثرة، ليس إلا السماء والماء. وإنما هم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق (٢)».

فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية: «لا، والذى بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا».

(تاريخ الطبرى ٥: ٥١، والعقد الفريد ١: ٢٨، والبيان والتبيين ٢: ٥٧)

[١٧١ - كتاب عمر إلى عمرو بن العاص]

وروى أنه لما ولى عمرو بن العاص مصر، أتاه أهلها حين دخل شهر بؤونة، فقالوا: أيها الأمير، إن لنيلنا سنّة لا يجرى إلا بها، فقال لهم: وما ذاك؟ قالوا: إنه إذا كان فى اثنتى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من عند أبويها، فأرضينا أبويها وأخذناها وجعلنا عليها من الحلىّ والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها فى النيل فيجرى، فقال لهم عمرو بن العاص: إن هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، فأقاموا بؤونة، وأبيب، ومسرى، لا يجرى النيل قليلا ولا كثيرا حتى همّوا بالجلاء، فلما رأى ذلك عمرو كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكتب إليه عمر بن الخطاب أن:


(١) أى هدأ وسكن، ويقال رجل ركين إذا كان ساكنا وقورا رزينا، وقد ركن ركانة كفصح.
(٢) برق كفرح ونصر: تحير حتى لا يطرف، أو دهش فلم يبصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>