للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحبّ أمير المؤمنين أن يعلمك الذى اجتمع عليه رأى رعيته، وكنت فى نفسه بمنزلة ولده، يحبّ من سترك ورشدك وزينك ما يحبّ لنفسه وولده، ويرى لك- إذا بلغك من حال ابن عمك ما ترى من اجتماع الناس عليه- أن يكون ابتداء ذلك من قبلك، ليعلم أنصارنا من أهل خراسان وغيرهم أنك أسرع إلى ما أحبّوا، مما عليه رأيهم فى صلاحهم منهم إلى ذلك من أنفسهم، وأن ما كان عليه من فضل عرفوه للمهدىّ، أو أمّلوه فيه، كنت أحظى الناس بذلك وأسرّهم به، لمكانه وقرابته، فاقبل نصح أمير المؤمنين لك، تصلح وترشد، والسلام عليك ورحمة الله».

(تاريخ الطبرى ٩: ٢٦٩)

[٦٤ - رد عيسى بن موسى على المنصور]

فكتب إليه عيسى بن موسى:

«بسم الله الرحمن الرحيم: لعبد الله عبد الله أمير المؤمنين من عيسى بن موسى.

سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد، فقد بلغنى كتابك تذكر فيه ما أجمعت (١) عليه، من خلاف الحقّ، وركوب الإثم فى قطيعة الرّحم، ونقض ما أخذ الله عليه من الميثاق من العامّة، بالوفاء للخلافة والعهد لى من بعدك، لتقطع بذلك ما وصل الله من حبله، وتفرّق بين ما ألّف الله جمعه، وتجمع بين ما فرّق الله أمره، مكابرة لله فى سمائه، وحولا (٢) على الله فى قضائه، ومتابعة للشيطان فى هواه، ومن كابر الله صرعه، ومن نازعه قمعه (٣)، ومن ماكره عن شى خدعه، ومن توكّل على الله منعه، ومن تواضع لله رفعه.

إن الذى أسّس عليه البناء، وخطّ عليه الحذاء (٤)، من الخليفة الماضى، عهد لى


(١) أجمع الأمر وأجمع عليه: عزم، وخلاف: مخالفة.
(٢) الحول: الاحتيال والتحيل.
(٣) قمعه كمنعه: قهره وذلله.
(٤) أى القالب الذى قدر الحذاء وقطع على مثاله، ومعنى هذا وما قيله: أن القاعدة التى أسس عليها بنيان الدولة، والخطة التى رسمها أبو العباس وارتضاها، عهد لى ... الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>