وفشت المقالة فى الطعن على عثمان وولاته، ونسبوا إليه أمورا، ونقموا منه أحداثا أهمّها إيثار أقربائه- ونمت هذه الأنباء إلى أهل المدينة فأتوا عثمان، فقالوا:
يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذى يأتينا؟ قال: لا والله، ما جاءنى إلا السلامة، فأخبروه بما نمي إليهم، فكتب إلى أهل الأمصار:
«أما بعد: فإنى آخذ العمال بموافاتى فى كل موسم، وقد سلّطت الأمة منذ وليت على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فلا يرفع علىّ شئ ولا على أحد من عمّالى إلا أعطيته، وليس لى ولعيالى حقّ قبل الرعية إلا متروك لهم، وقد رفع إلىّ أهل المدينة أن أقواما يشتمون، وآخرون يضربون، فيامن ضرب سرّا، وشتم سرّا، من ادّعى شيئا من ذلك فليواف الموسم، فليأخذ بحقّه حيث كان: منى، أو من عمّالى، أو تصدّقوا فإن الله يجزى المتصدّقين».
فلما قرئ الكتاب فى الأمصار أبكى الناس ودعوا لعثمان، وقالوا: إن الأمة لتمخّض بشرّ.
(تاريخ الطبرى ٥: ٩٩)
[٣٠٩ - كتاب أهل المدينة إلى من بالآفاق]
وروى الطبرى قال:
«لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى من بالآفاق منهم، وكانوا قد تفرّقوا فى الثغور:
«إنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا فى سبيل الله عزّ وجل تطلبون دين محمد صلى الله عليه وسلم فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك، فهلمّوا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه وسلم».