للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا بن حرب، إنّ لجاجك فى منازعة الأمر أهله من سفاه (١) الرأى، فلا يطمعنك أهل الضلال، ولا يوبقنّك سفه رأى الجهال، فو الذى نفس علىّ بيده، لئن برقت فى وجهك بارقة من ذى الفقار (٢) لتصعقنّ صعقة لا تفيق منها حتى ينفخ فى الصّور النفخة التى يئست (٣) منها كما يئس الكفّار من أصحاب القبور».

(شرح ابن أبى الحديد م ٤: ص ٥١ وم ٣: ص ٤١١)

٤١٥ - رد معاوية على علىّ

فكتب إليه معاوية:

«أما بعد: فما أعظم الرّين على قلبك (٤)، والغطاء على بصرك، الشّره من شيمتك، والحسد من خليقتك، فشمّر للحرب، واصبر للضرب، فو الله ليرجعنّ الأمر إلى ما علمت (٥)، والعاقبة للمتقين، هيهات هيهات! أخطأك ما تمنّى (٦)، وهوى قلبك مع من هوى، فاربع على ظلعك (٧)، وقس شبرك بفترك، لتعلم أين حالك من حال من يزن الجبال حلمه، ويفصل بين أهل الشك علمه، والسلام».

(شرح ابن أبى الحديد م ٤ ص ٥١، وم ٣ ص ٤١٠)


(١) السفاه والسفه والسفاهة واحد، وأوبقه: أهلكه.
(٢) ذو الفقار: هو سيف العاص بن منبه، قتل يوم بدر كافرا فصار إلى النبى صلى الله عليه وسلم، ثم صار إلى على، وسمى بذلك لأنهم شبهوا ما فيه من الخزوز بالفقار، ويقال سيف مفقر (بتشديد القاف المفتوحة): أى فيه حزوز مطمئنة عن متنه، والصور: البوق.
(٣) أى إبان كفرك، فقد كانوا قبل الإسلام لا يؤمنون بالبعث والنشور.
(٤) وفى الرواية الأخرى: فإنك المطبوع على قلبك، المغطى على بصرك، الشعر من شيمتك، والعتو من خليقتك» والرين: الدنس، وران ذنبه على قلبه رينا وريونا: غلب.
(٥) أى إلى، يبغى أن يقول لعلى: (على سبيل المغالطة) إنك تعلم أن الخلافة صائرة إلى ولكنك تخفى ذلك وتتجاهله.
(٦) أى ما تتمنى.
(٧) ظلع كمنع: غمز فى مشيه، وربع كمنع أيضا: وقف وانتظر وتحبس، ويقال: اربع على ظلعك أى إنك ضعيف فارفق بنفسك ولا تحمل عليها أكثر مما تطيق، أى اسكت على ما فيك من العيب، وأبصر نقصك وعجزك.

<<  <  ج: ص:  >  >>