«أما بعد: فقد بلغنى كتابك بما ذكرت: مما عليه رأى أمير المؤمنين فى عامّته، فضلا عما يجب من حقّ لذى حرمته وخليط (١) نفسه، ومحلّك بين لهوات ثغور، وحاجتك لمحلّك بينها إلى فضلة من المال لتأييد أمرك، والمال الذى سمّى لك من مال الله، وتوجيهك من وجّهت فى حمله وحمل أهلك من قبل أمير المؤمنين.
ولعمرى ما ينكر أمير المؤمنين رأيا هو عليه مما ذكرت لعامّته، وما يوجب عليه من لحوق أقربيه وعامّته، وبه إلى ذلك المال الذى ذكرت حاجة فى تحصين أمور المسلمين، فكان أولى به إجراؤه منه على فرائضه، وردّه على مواضع حقه، وليس بخارج من نفعك ما عاد بنفع العامة من رعيتك، وأمّا ما ذكرت من حمل أهلك، فإنّ رأى أمير المؤمنين تولّى أمرهم، وإن كنت بالمكان الذى أنت به من حق القرابة، ولم أر من حملهم على سفرهم مثل الذى رأيت من تعريضهم بالسفر للتشتّت، وإن رأى ذلك من قبلى أوجّههم إليك مع الثّقة من رسلى إن شاء الله والسلام»
(تاريخ الطبرى ١٠: ١٣٥)
[١٩٥ - كتاب المامون إلى أعيان أهل العسكر ببغداد]
ورأى المأمون أن يختار ثقة من أصحابه، يكتب معه كتبا إلى أعيان أهل العسكر من بغداد، فإن أحدث الأمين خلعا للمأمون صار إلى ذويها، وتلطّف لعلم حالات أهلها، وإلّا أمسك عن إيصالها، وكان كتابه مع الرسول الذى وجّهه لعلم الخبر: