للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد- وبلغه أنه يكتب بالأخبار إلى الوليد- فضربه ضربا مبرّحا وألبسه المسوح (١) (تاريخ الطبرى ٨: ٢٩٠)

[٤٨٦ - كتاب الوليد إلى هشام]

وبلغ ذلك الوليد (٢) فكتب إلى هشام:

«لقد بلغنى الذى أحدث أمير المؤمنين: من قطع ما قطع عنى، ومحو ما محا من أصحابى وحرمى (٣) وأهلى، ولم أكن أخاف أن يبتلى الله أمير المؤمنين بذلك، ولا أبالى به منه، فإن يكن ابن سهيل كان منه ما كان، فيحسب العير (٤) أن يكون قدر الذّئب، ولم يبلغ صنيعى (٥) فى ابن سهيل واستصلاحه، وكتابى إلى أمير المؤمنين فيه كنه (٦) ما بلغ أمير المؤمنين من قطيعتى، فإن يكن ذلك لشىء فى نفس أمير المؤمنين علىّ، فقد سبّب الله لى من العهد، وكتب لى من العمر، وقسم لى من الرزق، مالا يقدر أحد دون الله على قطع شىء منه دون مدّته، ولا صرف شىء عن مواقعه، فقدر الله يجرى بمقاديره، فيما أحبّ الناس أو كرهوا، ولا تأخير لعاجله، ولا تعجيل لآجله، فالناس بين ذلك يقترفون الآثام على نفوسهم من الله، أو يستوجبون الأجور عليه، وأمير المؤمنين أحقّ أمّته بالبصر بذلك، والحفظ له، والله الموفّق لأمير المؤمنين لحسن القضاء له فى الأمور». (تاريخ الطبرى ٨: ٢٩٠)


(١) المسوح: جمع مسح بالكسر، وهو ثوب من الشعر غليظ.
(٢) وقد قال الوليد عند ذلك: «من يثق بالناس، ومن يصطنع المعروف؟ هذا الأحول المشئوم قدمه أبى على أهل بيته، فصيره ولى عهده، ثم يصنع بى ما ترون، لا يعلم أن لى فى أحد هوى إلا عبث به، كتب إلى أن أخرج عبد الصمد فأخرجته، وكتبت إليه أن يأذن لابن سهيل فى الخروج إلى فضربه وسيره وقد علم رأيى فيه، وقد علم انقطاع عياض بن مسلم إلى، وتحرمه بى، ومكانه منى، وأنه كاتبى، فضربه وحبسه. يضارنى بذلك، اللهم أجرنى منه».
(٣) الحرم جمع حرمة: وهى ما لا يحل انتهاكه.
(٤) العير: الحمار وغلب على الوحشى.
(٥) فى الأصل «من صنيعى» ولا موضع لمن هنا.
(٦) كنه الشىء: جوهره وغايته وقدره.

<<  <  ج: ص:  >  >>