فلما قرأ كتابه أتى به عليّا، فأقرأه إياه، قال على: يعنى بالشيباء المرأة الشّمطاء لا تنسى ثكل ابنها (١)، فأنا لا أنسى قتل عثمان.
فكتب إليه أبو أيوب:
«إنه لا تنسى الشيباء ثكل ولدها، وضربتها مثلا لقتل عثمان، فما نحن وقتلة عثمان؟ إن الذى تربّص بعثمان، وثبّط أهل الشأم عن نصرته لأنت، وإن الذين قتلوه غير الأنصار، والسلام».
(الإمامة والسياسة ١: ٨٢)
[٤٠٣ - كتاب شرحبيل بن السمط إلى معاوية]
وروى ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة: أن معاوية دعا أهل الشأم إلى الطلب بدم عثمان، فقاموا إليه فقالوا: هو ابن عمك وأنت وليّه، ونحن الطالبون معك بدمه، فبايعوه أميرا عليهم، وكتب وبعث الرسل إلى كور الشأم، وكتب إلى شرحبيل ابن السّمط الكندىّ، وهو بحمص أن يبايع له بحمص كما بايع أهل الشأم، فقال شرحبيل: هذه سقطة، ولكنا نبايع له بالخلافة، ولا نطلب بدم عثمان مع غير خليفة، فبايع لمعاوية بالخلافة هو وأهل حمص، ثم كتب إليه:
«أمّا بعد: فإنك أخطأت خطأ عظيما حين كتبت إلىّ أن أبايع لك بالإمرة، وأنك تريد أن تطلب بدم الخليفة المظلوم، وأنت غير خليفة، وقد بايعت ومن قبلى لك بالخلافة».
فلما قرأ معاوية كتابه سرّه ذلك، وأخبر الناس بما قال شرحبيل، ودعاهم إلى
(١) هذا ما رواه ابن قتيبة، وقد جاء فى لسان العرب: «ويقال: رجل أشيب، ولا يقال امرأة شيباء، لا تنعت به المرأة، اكتفوا بالشمطاء عن الشيباء، وقد يقال شاب رأسها» وفى القاموس المحيط «وهو أشيب ولا فعلاء له» والثكل: الفقد.