للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان إتيانى إياك- أعزك الله- فى حوائجى، بعد أن طال بغيرك تشاغلى.

وبعد أن استهلكت إضاعته الواجب فى أمرى، واتكاله على لين مطالبتى، سلّما كنت أعتمد عليه، وأتروّح إليه، فأتيتك حين أنفذ الصبر مدته، وبلغ المكروه غايته، ولم يبق من السّتر إلا ما كاد أن يشفّ عما دونه، ألزمك عمارة حال أبدى سواها خللها، وأعجلك فى تدارك أمور تسلّف التفريط من غيرك مهلها، فتلقّيت بالقبول وسائلى، وبالإنجاز حاجتى، وأعجلتنى عن الشكوى بالعلم بالداء، وتضمّن الدواء، ثم لم تجعل جاهك، مع كثرته وانبساطه، مندوحة (١) عن مالك مع قلة مادته، وضعفه عما تحمّله، بذلا قبل المسألة، وتطوّعا بعد الفريضة، ولا والذى جميل رأيك من عظيم نعمه عندى، ما أصبحت لى هناك عرجة إلا عليك، طالت أم قصرت، ولا أنتظر بها فسحة إلا من قبلك، تقدّمت أو تأخرت، ولا أتشبّث فى مقامى إلا بعلقة (٢) متراخية عن الوثيقة، لا فضل فيها للأناة والنظر، ولا تبلغ أن تكون بلغة، فرأيك فى الأمر الذى رغبت إليك فيه، وهو حسن موقعه، محتلّ إليك موضعه، مستكثر قليله، مقبول عفوه» (اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٩١)

[٢٦٦ - كتاب له فى الشوق]

وكتب إلى صديق له يشكو شوقه إليه:

«شوقى إليك شديد، يستوى فى العجز عن صفته الخطيب البليغ والعىّ المفحم (٣)، فدعانى ذلك إلى الخفض على نفسى، وتقديم جملة من ذكره إذا عارضت بها ما فى قلبك كانت له موافقة، بل كانت عليه مفضلة (٤)».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٩٦)


(١) المندوحة. السعة.
(٢) العلقة: كل ما يتبلغ به من العيش.
(٣) المفحم: العيى.
(٤) أفضل عليه: زاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>