وليست المعتزلة أول من قال بخلق القرآن- كما أنهم ليسوا أول من أنكر الصفات- بل إن أول من عرف بالقول بخلقه الجعد بن درهم بدمشق، (وهو مؤدب مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية) وأخذ عنه ذلك القول جهم بن صفوان الترمذى زعيم فرقة الجهمية الجبرية فقال بخلقه، إذ أن الجهمية تنكر الصفات. وذكروا أن بشر بن غياث المريسى- وهو زعيم المريسية من فرق المرجئة- قال أيضا بخلق القرآن فى عصر الرشيد، ونهاه أبو يوسف عن ذلك فلم ينته، فهجره وطرده من مجلسه، وقال: لا تنتهى أو تفسد خشبة (يريد الصلب) ولما بلغ ذلك الرشيد قال: على إن أظفرنى الله به أن أقتله، وظل بشر مختفيا طول خلافة الرشيد ولم يظفر به مع شدة طلبه له. وذكروا أيضا أن حفصا الفرد- وهو من أكابر المجبرة- قال بذلك القول. وأن الشافعى ناظره وكفره، وكان الناس فى تلك المسألة فى عصر الرشيد بين أخذ وترك، حتى ولى المأمون فقال بخلقه وكان من أشد بصراء الاعتزال- انظر سرح العيون ص ٢٠٣، ووفيات الأعيان ١: ٩١ والفرق بين الفرق ص ١٩٢ وتبيين كذب المفترى ص ٣٣٩ و ٣٤٥ و ٣٤٦ وحياة الحيوان الكبرى للدميرى ١: ١١٤ و ١١٥ وتاريخ الطبرى ١٠: ٢٧٩.