للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطلب بدم عثمان أمير المؤمنين المظلوم، وكتبت إلى عبد الله بن عامر، يمهّد لكم العراق، ويسهّل لكم حزونة عقابها (١)، واعلم يا بن أمية أن القوم قاصدوك بادئ بدء، لاستنزافّ ما حوته يداك من المال، فاعلم ذلك واعمل على حسبه إن شاء الله».

وكتب فى أسفل الكتاب:

ظلّ الخليفة محصورا يناشدهم ... بالله طورا، وبالقرآن أحيانا

وقد تألّف أقوام على حنق ... عن غير جرم، وقالوا فيه بهتانا

فقام يذكرهم وعد الرسول له ... وقوله فيه إسرارا وإعلانا

فقال: كفّوا، فإنى معتب لكم ... وصارف عنكم يعلى ومروانا (٢)

فكذّبوا ذاك منه، ثم ساوره ... من حاض لبّته ظلما وعدوانا (٣)

[٣٣٦ - كتاب مروان إلى معاوية]

فكتب إليه مروان جوابا عن كتابه:

«أما بعد: فقد وصل كتابك، فنعم كتاب زعيم العشيرة، وحامى الذّمار (٤) وأخبرك أن النوم على سنن استقامة إلا شظايا (٥) شعب، شننت بينهم مقولى على غير مجابهة، حسب ما تقدّم من أمرك، وإنما كان ذلك دسيس (٦) العصاة، ورمى الجذر من أغصان الدّوحة، ولقد طويت أديمهم (٧) على نغل يحلم منه الجلد، كذبت


(١) حزونة الأرض: غلظها وخشونتها. والعقاب جمع عقبة بالتحريك: وهى المرقى الصعب من الجبال
(٢) أعتبه: أرضاه وسره بعد ما ساءه.
(٣) اللبة؛ النحر، وساوره: واثبه وأخذ برأسه، وحاض السيل: إذا سال- واستعمل هنا بمعنى أسال.
(٤) الذمار: ما يلزمك حفظه وحمايته.
(٥) الشظايا جمع شظية: وهى كل فلقة من شئ، والمقول: اللسان، وشنه: صبه، وأصله من شن الماء على الشراب إذا فرقه، وجبهه كمنعه: استقبله بما يكره.
(٦) الدسيس: إخفاء المكر، وفى الأصل «رسيس» وهو تحريف «ورس الحمى ورسيسها:
بدؤها وأول مسها، وذلك إذا تمطى المحموم من أجلها وفتر جسمه وتختر».
(٧) الأديم: الجلد المدبوغ، ونغل الأديم كفرح: فسد فى الدباغ. وحلم الجلد كفرح: وقع فيه الحلم، والحلم بالتحريك دود يقع فى الجلد فيأكله، وهو القراد، واحدته حلمة، وفى المثل: «كدابغة وقد حلم الأديم».

<<  <  ج: ص:  >  >>