للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفاية وقناعة، وقصدك إياهم وتعويلك عليهم أولى بك وأصون لعملك، فإنه لا خير فى الاستعانة بمن لا يرى أن العمل الذى يدعى إليه واجب عليه، وفرض لازم له، فعافنى أيها الأمير عافاك الله، وأحسن إلىّ بترك التعرّض لى، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا».

فعافاه وأكرمه، وقال: والله ما كنت لأبتليه بما يكرهه.

(الحسن البصرى لابن الجوزى ص ٥٤)

[٤٣٧ - كتاب الحسن البصرى إلى مكحول]

وروى أن الحسن رضى الله عنه اتصل به أن مكحولا (١) توفّى، فحزن عليه، وترحّم له، ثم اتصل به بطلان ذلك، فكتب إليه:

«أما بعد: - أبا عبد الله، كان الله لنا ولك فى المحيا والممات، وقضى لنا ولك بخير فى الدنيا والآخرة، ويسّر لنا ولك حسن المآل والمنقلب، فإنه أتانا عنك ما راعنا ثم أتى بعده ما أكذبه، فلعمر الله لقد سررنا، وإن كان السرور بما سررنا به وشيك (٢) الانقطاع، ذاهبا عما قليل إلى الخبر الأول، فهل أنت- عافاك الله ووفقّنا وإياك لصالح العمل- كرجل ذاق الموت، وعاين ما بعده، وسأل الرّجعة، فأجيب إليها، وأعطى ما سأل بعد أن عاين ما فاته، فتأهّب فى نقل جهازه إلى دار قراره لا يرى أن له من ماله إلا ما قدّم أمامه، ومن عمله إلا ما كتب له ثوابه، والسلام».

(حسن البصرى لابن الجوزى ص ٦٥)


(١) هو مكحول بن عبد الله، كان من سبى كابل، وقع إلى سعيد بن العاص فوهبه لامرأة من هذيل فأعتقته، قال الزهرى: «العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبى بالكوفة، والحسن البصرى بالبصرة، ومكحول بالشأم» ولم يكن فى زمنه أبصر منه بالفتيا، وسمع أنس بن مالك وغيره، وهو معلم الأوزاعى، وكان مقامه بدمشق، وتوفى سنة ١١٨ هـ- انظر ترجمته فى وفيات الأعيان ج ٢: ص ١٢٢ - .
(٢) أى سريع.

<<  <  ج: ص:  >  >>