للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد، فإنى بعثتك فى فرسان أهل المصر ووجوه الناس (١)، وأمرتك باتباع هذه المارقة الضّالة المضلّة حتى تلقاها، فلا تقلع عنها حتى تقتلها وتفنيها، فوجدت التّعريس (٢) فى القرى، والتّخييم فى الخنادق، أهون عليك من المضىّ لما أمرتك به من مناهضتهم ومناجزتهم والسلام».

فشقّ ذلك على الجزل، وأمر الناس بالسير، فخرجوا فى طلب الخوارج جادّين.

وبعث الحجاج سعيد بن مجالد على ذلك الجيش وعهد إليه:

«إن لقيت المارقة فازحف إليهم ولا تناظرهم ولا تطاولهم وواقفهم واستعن بالله عليهم، ولا تصنع صنيع الجزل، واطلبهم طلب السبع، وحد عنهم خيدان الضّبع».

(تاريخ الطبرى ٧: ٢٢٨، وشرح ابن أبى الحديد م ١ ص: ٤١٣)

[٢٠٠ - كتاب الجزل بن سعيد إلى الحجاج]

وجاء سعيد بن مجالد، فأخرج الناس معه وجمع إليه خيول أهل العسكر ليقاتل شبيبا، فنصح له الجزل ألّا يقاتله إلّا فى جماعة الناس عامّة، فأبى، فقال له: ليس لى فيما صنعت رأى، أنا برىء من رأيك هذا، سمع الله ومن حضر من المسلمين، فقال هو رأيى، إن أصبت فالله وفّقنى له، وإن يكن غير صواب فأنتم منه براء، وخرج للقاء شبيب، فحمل عليهم شبيب فهزمهم وشدّ على سعيد فضربه فخرّ ميتا، وانهزم ذلك الجيش وقتلوا كل قتلة حتى انتهوا إلى الجزل، فقاتل الجزل قتالا شديدا حتى حمل من بين القتلى، ونقل إلى المدائن مرتثّا، وقدم فلّ أهل ذلك العسكر الكوفة.


(١) وذلك أن الجزل حين دعى للخروج قال للحجاج: أصلح الله الأمير، لا تبعثن معى أحدا من أهل هذا الجند المفعول المهزوم، فإن الرعب قد دخل قلوبهم، وقد خشيت أن لا ينفعك والمسلمين منهم أحد، فقال له: فإن ذلك لك ولا أراك إلا قد أحسنت الرأى ووفقت، وأمر فاختير له بعث آخر.
(٢) عرس القوم وأعرسوا: نزلوا فى آخر الليل للاستراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>