للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحظة لحظها إلىّ ببرّه، فضلا عن رأيه الذى جلّ عن قدرى، وعجز عن احتماله شكرى.

وقد تبيّن للأمير- أعزه الله- أمرى، وتحقيق شأنى، فإن كان ما أنا فيه للهفوة التى كانت منى، والجناية التى جنيتها على نفسى بالجهل بصباى، فقد وضع الله عن الصبىّ فرائضه علما بحاله، وكانت حالى فى الصّبا قريبة من حاله، والأمير- أعزه الله- أولى من عطف فى ذات الله عن زلّتى، واحتسب الأجر فى إقالة عثرتى وهفوتى، فإن رأى الأمير أبقاه الله أن يأمر بالدعاء بى، والاستماع منى، فعل منعما، إن شاء الله». (كتاب بغداد ٦: ١٢٥)

[٢٩٥ - عهد طاهر بن الحسين لابنه عبد الله]

وكتب طاهر بن الحسين إلى ابنه عبد الله (١) لما ولّاه المأمون الرّقّة ومصر وما بينهما (سنة ٢٠٦ هـ).

«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له، وخشيته ومراقبته ومزايلة سخطه وحفظ رعيتك، والزم ما ألبسك الله من العافية بالذكر لمعادك، وما أنت صائر إليه، وموقوف عليه، ومسئول عنه، والعمل فى ذلك كله بما يعصمك الله، وينجيك يوم القيامة من عذابه، وأليم عقابه، فإن الله قد أحسن إليك، وأوجب عليك الرأفة بمن استرعاك أمرهم من عباده، وألزمك العدل عليهم، والقيام بحقه وحدوده فيهم، والذبّ عنهم (٢)، والدفع عن حريمهم وبيضتهم (٣) والحقن لدمائهم، والأمن لسبيلهم (٤)، وإدخال الراحة عليهم فى معايشهم، ومؤاخذك بما فرض عليك من ذلك، وموفّقك عليه، ومسائلك عنه، ومثيبك عليه بما قدمت


(١) توفى سنة ٢٣٠ هـ- انظر ترجمته فى وفيات الأعيان ١: ٢٦.
(٢) الدفع.
(٣) البيضة: حوزة كل شىء.
(٤) وفى مقدمة ابن خلدون: لسربهم، والسرب: النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>