للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرت، ففرّغ لذلك فكرك وعقلك وبصرك ورؤيتك، ولا يذهلك (١) عنه ذاهل، ولا يشغلك (٢) عنه شاغل، فإنه رأس أمرك، وملاك شأنك، وأول ما يوفقك الله به لرشدك.

وليكن أول ما تلزم به نفسك، وتنسب إليه فعالك، المواظبة على ما افترض الله عليك من الصلوات الخمس والجماعة عليها بالناس قبلك فى مواقيتها على سننها فى إسباغ (٣) الوضوء لها، وافتتاح ذكر الله فيها، وترتّل (٤) فى قراءتك، وتمكّن فى ركوعك وسجودك وتشهدك، ولتصدق فيها لربك نيتك، واحضض عليها جماعة من معك وتحت يدك.

وادأب عليها فإنها كما قال الله تأمر بالمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، ثم أتبع ذلك الأخذ بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمثابرة على خلائقه، واقتفاء آثار السلف الصالح من بعده، وإذا ورد عليك أمر فاستعن عليه باستخارة (٥) الله وتقواه، ولزوم ما أنزل الله فى كتابه من أمره ونهيه، وحلاله وحرامه، وائتمام ما جاءت به الآثار عن النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قم فيه بما يحق لله عليك، ولا تمل عن العدل فيما أحببت أو كرهت، لقريب من الناس أو بعيد، وآثر الفقه وأهله، والدين وحملته، وكتاب الله والعاملين به، فإن أفضل ما تزيّن به المرء الفقه فى دين الله والطلب له والحث عليه، والمعرفة بما يتقرب به إلى الله، فإنه الدليل على الخير كله، والقائد له، والآمر به، والناهى عن المعاصى والموبقات كلها، وبها مع توفيق الله تزداد العباد معرفة بالله عزّ وجل، وإجلالا له، ودركا للدرجات العلا فى المعاد، مع ما فى ظهوره للناس من التوقير لأمرك، والهيبة لسلطانك، والأنسة بك، والثقة بعدلك.


(١) ذهلت عن الشىء (كفتح): غفلت، وقد يتعدى بنفسه فيقال ذهلته، والأكثر أن يتعدى بالهمزة فيقال أذهلنى فلان عن الشىء.
(٢) شغله من باب فتح، وأشغله لغة جيدة أو قليلة أو رديئة.
(٣) أسبغ الوضوء: وفى كل عضو حقه.
(٤) تمهل ولا تعجل.
(٥) استخار الله: طلب منه الخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>