للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر بالتوكيل بخزانته وداره، فسار بعض الورثة إلى المحسّن بن على بن الفرات، وضمنوا له مالا، على إزالة التوكيل وحلّ الاعتقال، فكلم المحسن أباه فى ذلك (وكان أبوه وزير (١) المقتدر فركب إلى المقتدر) فقال له: إن المعتضد والمكتفى قد كانا قطعا الدخول على الناس فى المواريث، وأنا أرى لمولاى أن يحيى رسومهما، وأن يأمر بإثبات عهد ألّا يتعرّض لأحد فى ميراث، فأجابه المقتدر إلى ذلك، إذ ظن أنها نصيحة منه، فسلّمت الدار إلى ورثة الكاتب، وأنشأ ابن الفرات كتابا عن المقتدر، نسخته:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإن أمير المؤمنين المقتدر بالله يؤثر فى الأمور كلها ما قرّبه من الله عز وجل، واجتلب له جزيل مثوبته، وواسع رحمته وحسنته، العائدة على كافة رعيته، كما جعل الله فى طبعه، وأولج فى بيته، من التعطف عليها، وإيصال المنافع إليها، وإبطال رسوم الجور التى كانت تعامل بها، جاريا مع أحكام الكتاب والسّنة، عاملا بالآثار عن الأفاضل من الأئمة، وعلى الله يتوكل أمير المؤمنين، وإليه يفوّض، وبه يستعين».

(تاريخ الطبرى ١٢: ٦٠)

[٢٨٠ - كتاب الوزير بن مقلة إلى القواد والعمال]

ومن حوادث سنة ٣١٨ الإيقاع بجند الرّجّالة المصافّيّة (٢) ببغداد، وقد كتب الوزير محمد بن على بن مقلة فيهم بعد قهرهم نسخة أنفذت إلى القوّاد والعمّال، وهى:

«بسم الله الرحمن الرحيم، قد جرى- أعزك الله- من أمر الرّجّالة المصافّيّة


(١) وزر أبو الحسن على بن الفرات للمقتدر ثلاث مرات وقتل سنة ٣١٢ - انظر ترجمته فى الفخرى ص ٢٣٩ وتاريخ الطبرى ١٢: ٢٠.
(٢) نسبة إلى المصاف جمع مصف: وهو الموقف فى الحرب الذى يكون فيه الصفوف، وقد كان هؤلاء الرجالة فى صفوف جرس الخلافة، وتدلل قوادهم على الخليفة وعلى الوزير حتى كان لا يقدر أن يحتجب عن واحد منهم فى أى وقت جاء من ليل أو نهار، ولا يرد عن حاجة كائنة ما كانت، وتحكموا على القضاة، وطالبوهم بحل الحباسات وإخراج الوقوف من أيديهم، واكتنفوا الجناة، وعطلوا الأحكام، واستطالوا على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>