للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٦٤ - كتاب عبد الله بن الحسن إلى زيد بن على]

وكتب عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب إلى زيد بن على:

«يا بن عمّ، إن أهل الكوفة نفخ (١) العلانية، خور السريرة، هرج (٢) فى الرخاء، جزع فى اللقا، تقدمهم (٣) ألسنتهم، ولا تشايعهم قلوبهم، لا يبيتون بعدّة فى الأحداث، ولا ينوءون (٤) بدولة مرجوّة، ولقد تواترت إلىّ كتبهم بدعوتهم، فصممت عن ندائهم، وألبست قلبى غشاء (٥) عن ذكرهم، يأسا منهم، واطّراحا لهم، وما لهم مثل إلا ما قال علىّ بن أبى طالب: «إن أهملتم خضتم، وإن حوربتم خرتم، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم، وإن أجبتم إلى مشاقّة (٦) نكصتم».

(تاريخ الطبرى ٨: ٢٦٥)


- وروى أنه كان قد بايعه على إمامته خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة، وخرج بهم على يوسف فلما استحر القتال، بينهما قالوا لزيد: إنا ننصرك على أعدائك، بعد أن تخبرنا برأيك فى أبى بكر وعمر، اللذين ظلما جدك على بن أبى طالب، فقال زيد: إنى لا أقول فيهما إلا خيرا، وما سمعت أبى يقول فيهما إلا خيرا، وإنما خرجت على بنى أمية الذين قاتلوا جدى الحسين، وأغاروا على المدينة يوم الحرة، ثم رموا بيت الله بحجر المنجنيق والنار، ففارقوه عند ذلك، حتى قال لهم: رفضتمونى، ومن يومئذ سموا رافضة، وثبت معه مائتا رجل، وقاتلوا جند يوسف بن عمر حتى قتلوا عن آخرهم، وقتل زيد ثم نبش من قبره وصلب بالكناسة (محلة بالكوفة) ثم أحرق، وهرب ابنه يحيى بن زيد إلى خراسان وخرج بناحية الجوزجان كما سيأتى- انظر الفرق بين الفرق للبغدادى ص ٢٥، وتاريخ الطبرى ٨: ٢٦٣.
(١) شاب نفخ وجارية نفخ بضمتين: ملأتهما نفخة الشباب والخائر والخوار: الضعيف، وسهم خوار وخئور: ضعيف، قال فى اللسان ويجمع خوار على خور على غير قياس، وشاهد الخور جمع خوار قول الطرماح:
أنا ابن حماة المجد من آل مالك ... إذا جعلت خور الرجال تهيع
(٢) هرج: جمع هروج مبالغة من هارج، والهرج بالفتح: الفتنة والاختلاط وجزع: جمع جزوع.
(٣) قدمهم كنصر: تقدمهم.
(٤) ناء بالحمل: نهض مثقلا.
(٥) الغشاء، الغطاء.
(٦) المشاقة والشقاق: الخلاف والعداوة. والمعنى وإن أجبتم إلى قتال ذوى مشاقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>