للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٧٣ - كتاب على إلى الأشعث بن قيس]

وكتب مع زياد بن كعب إلى الأشعث بن قيس- والأشعث يومئذ بأذربيجان، كان استعمله عليها عثمان-:

«من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى الأشعث بن قيس.

أما بعد: فلولا هنات وهنات (١) كانت منك، لكنت أنت المقدم فى هذا الأمر قبل الناس، ولعلّ أمرك يحمل بعصه بعضا إن اتقيت الله عزّ وجل، وقد كان من بيعة الناس إياى ما قد علمت، وقد كان طلحة والزبير أول من با يعنى ثم نقضا بيعتى على غير حدث، وأخرجا أمّ المؤمنين فساروا إلى البصرة، وسرت إليهم فيمن بايعنى من المهاجرين والأنصار، فالتقينا فدعوتهم إلى أن يرجعوا إلى ماخرجوا منه فأبوا فأبلغت فى الدعاء، وأحسنت فى البقيا، وأمرت أن لا يذفّف (٢) على جريح، ولا يتبع منهزم، ولا يسلب قتيل، ومن ألقى سلاحه، وأغلق بابه فهو آمن.

وإن عملك ليس لك بطعمة (٣)، ولكنه فى عنقك أمانة، وأنت مسترعى لمن فوقك، ليس لك أن تفتات فى رعية، ولا تخاطر إلا بوثيقة (٤)، وفى يديك مال من


(١) انظر تفسيرها فى ص ٣٣٠ وذلك أن الأشعث بن قيس الكندى كان ممن ارتد بعد النبى صلى الله عليه وسلم، فلما سير أبو بكر الجنود إلى اليمن أخذوا الأشعث أسيرا فأحضر بين يديه، فقال له:
ماذا ترانى أصنع بك؟ قال: تمن على فتطلق إسارى وتقيلنى عثرتى وتقبل إسلامى وترد على زوجتى (وقد كان خطب أخت أبى بكر أم فروة بنت أبى قحافة، مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجه وأخرها إلى أن يقدم الثانية، فمات رسول الله وفعل الأشعث ما فعل فخشى أن لا ترد عليه) تجدنى خير أهل بلادى لدين الله، فقال أبو بكر: قد فعلت، وتجافى له عن دمه وقبل منه ورد عليه أهله. وقال:
انطلق فليبلغنى عنك خير، وقد ولدت له أم فروة ابنه محمد بن الأشعث، انظر تاريخ الطبرى ج ٣: ص ٢٧٥ وأسد الغابة ج ١: ص ٩٨.
(٢) ذفف على الجريح: أجهز عليه وحرر قتله.
(٣) الطعمة: المأكلة، وتفتات: أى تفعل ما تفعل بغير إذن منى، وهو افتعال من الفوت: أى السبق، كأنه يفوت آمره فيسبقه إلى الفعل قبل أن يأمره.
(٤) أى إلا بعد أن تتوثق وتحتاط للأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>