للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظفر بعد صبر، ألفاظها درّ مشوف (١)، ومعانيها جوهر مرصوف، وقد اصطحبا أحسن صحبة، وتألّفا أقرب ألفة، لا تمجّها الآذان، ولا تتعب بها الأذهان، وقرأت فى آخرها من الشعر ما لم أملك نفسى أن كتبت- لجلالته عندى، وحسن موقعه من نفسى- بما لا أقوم به، مع تحيّف (٢) الصّهباء لبّى، وشربها من عقلى مقدار شربى، ولكنى واثق منك بطىّ سيّئتى، ونشر حسنتى:

نفسى فداؤك يا أبا العباس ... وافى كتابك بعد طول الياس

وافى، وكنت بوحشتى متفرّدا ... فأصارنى للجمع والإيناس

وقرأت شعرك فاستطلت لحسنه ... فخرا على الخلطاء والجلّاس (٣)

عاينت منه عيون وشى سدّيت ... ببدائع فى جانب القرطاس (٤)

فاقت دقائقه وجلّ لحسنه ... عن أن يحدّ بفطنة وقياس

شعر كجرى الماء يخرج لفظه ... من حسن طبعك مخرج الأنفاس

لو كان شعر الناس جسما لم يكن ... لكماله إلّا مكان الرّاس

(معجم الأدباء ٣: ٥٦)

[٢١٤ - كتابه إلى ابن أبى الأصبغ]

وكتب أحمد بن سليمان بن وهب إلى ابن أبى الأصبغ (٥):

«لو أطعت الشوق إليك، والنّزاع (٦) نحوك، لكثر قصدى لك وغشيانى (٧)


(١) مشوف: مجلو، من شافه يشوفه شوفا: أى جلاه.
(٢) تحيفه: تنقصه من حيفه، والحيف كعنب: جمع حيفة بالكسر، وهى الناحية.
(٣) الخلطاء: جمع خليط، وهو المخالط، وفى الأصل «على الخلفاء» وأراه محرفا.
(٤) الوشى: نقش الثوب، سديت ببدائع: أى جعلت البدائع سدى لها، والسدى بالفتح:
الخيوط التى تمد طولا فى النسج (واللحمة بالضم والفتح: ما ينسج عرضا).
(٥) هو أبو العباس أحمد بن محمد بن أبى الأصبغ، انظر الفهرست لابن النديم ص ١٨٤، وفى الأصل «ابن أبى الإصبع».
(٦) نزع إلى أهله كضرب نزاعة بالفتح، ونزاعا بالكسر، ونزوعا بالضم: اشتاق.
(٧) غشيه غشيانا: جاءه.

<<  <  ج: ص:  >  >>