«بسم الله الرحمن الرحيم، من سالم بن عبد الله بن عمر إلى عبد الله عمر أمير المؤمنين:
«سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فإن الله عزّ وجلّ خلق الدنيا لما أراد أن يخلقها له، فجعل لها مدة قصيرة، كأنّ ما بين أولها وآخرها ساعة من نهار، ثم قضى عليها وعلى أهلها الفناء، فقال: «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» لا يقدر أهلها منها يا عمر على شىء حتى تفارقهم ويفارقوها، بعث بذلك رسوله، وأنزل كتابه، ضرب فى ذلك الأمثال، وضرب فيه الوعيد، جعل دينه فى الأولين والآخرين دينا واحدا فلم يختلف رسله، ولم يبدّل قوله، ثم إنك يا عمر لست تعدو أن تكون رجلا من بنى آدم، يكفيك ما يكفى رجلا منهم، من الطعام والشّراب، فاجعل فضل ذلك فيما بينك وبين الربّ الذى توجّه إليه شكر النعم، فإنك قد وليت أمرا عظيما، ليس يلى عليك أحد دون الله عزّ وجل، إن استطعت أن لا تخسر نفسك وأهلك يوم القيامة فافعل، فإنه قد كان قبلك رجال عملوا ما عملوا وأحيوا ما أحيوا من الباطل، وأماتوا ما أماتوا من الحق، حتى ولد فى ذلك رجال ونشئوا فيه، وظنوا أنها السّنّة، فسدّوا على الناس أبواب الرّخاء، فلم يسدّوا منها بابا إلا فتح الله عليهم باب بلاء، فإن استطعت- ولا قوة إلا بالله- أن تفتح على الناس أبواب الرخاء فافعل، فإنك لن تفتح منها بابا إلا سدّ الله الكريم عنك باب بلاء، ولا يمنعك من نزع عامل أن تقول لا أجد من يكفينى عمله، فإنك إذا كنت تنزع لله، وتستعمل لله، أتاح الله لك أعوانا، فأتاك بهم، وإنما