للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٨ - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى]

وكتب المنصور إلى عيسى بن موسى كتابا يحثه فيه على خلع نفسه وتقديم المهدى عليه، فكتب إليه عيسى:

«بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ (١) فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ». وقال عز وجل: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا».

قرأت كتاب أمير المؤمنين وتفهّمته وأنعمت (٢) بالنظر إليه كما أمر، ونحرته (٣)، فوجدت أمير المؤمنين إنما يزيدنى لينقصنى، ويقرّبنى ليبعدنى، وما أجهل مالى فى رضاه من الحظ الجزيل، والأثر الخطير (٤)، ولكنه سامنى ما تشحّ (٥) به الأنفس، وتبذل دونه، وما لا يسمح به والد لولده مادام له حظّ فيه.

وقد علم أمير المؤمنين أنه يريد هذا الأمر لابنه لا له، وهو صائر إلى ما سيصير إليه، أشغل ما يكون، وأحوج إلى حسنة قدّمها، وسيئة اجتنبها، ولا صلة فى معصية الله، ولا قطيعة ما كانت فى ذات الله».

(الأوراق للصولى ٢: ٣١٩)

[٦٩ - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى]

وبلغ المنصور أن عيسى بن موسى قتل رجلا من ولد نصر بن سيّار (٦) كان مستخفيا بالكوفة، فدلّ عليه فضرب عنقه، فأنكر ذلك وأعظمه وهمّ فى عيسى بأمر كان فيه هلاكه، ثم قطعه عن ذلك جهل عيسى بما فعل، فكتب إليه:


(١) نصب على المدح.
(٢) يقال: أنعم فى الأمر: بالغ.
(٣) معناه: وخبرته كل الخبرة وأصبت حقيقته، وأصله من نحر البعير إذا أصاب نحره، وفى الأصل «وتنحرته» وهو تحريف.
(٤) أى العظيم.
(٥) أى ما تبخل به وهو الخلافة، وفعله كفرح ونصر وضرب.
(٦) كان واليا على خراسان فى خلافة مروان بن محمد الأموى.

<<  <  ج: ص:  >  >>