للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٣١ - كتاب محمد بن مكرم إلى إبراهيم بن المدبر]

وكتب محمد (١) بن مكرّم إلى إبراهيم بن المدبر.

«الحمد لله رب العالمين، حمدا يجوز حمد الحامدين، الذى جعل قضاءه خيرة لك، فإن زادك نعمة وفّقك لشكرها، وإن امتحنك ببلوى من نفث (٢) حاسد، أو كيد كائد، أنار برهانك، وأفلج (٣) حجّتك، وجمع بين وليّك وعدوّك فى الشهادة لك، وإن نقل أمرا عن يدك فربما يرجعه إليك مختلّا لفقدك، هذا إلى ما جعل عندك من خواصّ النعم التى إن ذكرناها فأطنبنا، أو تجوّزنا فقصّرنا، كان غايتنا إلى الحسور (٤) دون مدى غايتك، وقد زادك الله بهذا الحادث فضلا عظيما، لما ظهر من وله العامة إليك، وتطلّعها إلى ما كانت فيه، من لين إنصافك وكريم أخلاقك، ووحشة الخاصّة لما فقدت من حسن معاملتك، وكثير تفضّلك، وأيقن أهل الرأى والتأمل لصفحات الأمور أنّ كل ما خرج عنك فعائد إليك، ومتصل به غيره، حتى تستقرّ فى يدك عرا الأمور ومعاقدها، وتفتح برأيك وتدبيرك أبوابها ومغالقها، فليهنئك أن كلّ ما زاد غيرك نقصا، زادك فضلا، وكلّ ما نقص من الرجال وحطّها، ألحق بك شرفا فزادك الله وزادنا منك، وجعلنا ممن يقبله رأيك، ويقدّمه اختيارك، ويقع من الأمور بموافقتك، ويجرى منها على سبيل طاعتك».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٠١)


(١) كاتب بليغ مترسل، وكان بينه وبين أبى العيناء مداعبات، انظر أخباره فى الفهرست لابن النديم ص ١٧٩، وفى خلال ترجمة أبى العيناء فى وفيات الأعيان وزهر الآداب كما قدمنا.
(٢) النفث شببه بالنفخ، والمعنى مما يصدر عن الحاسد.
(٣) أى نصرها.
(٤) الحسور: الكلال والانقطاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>