للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد، فإن الملك ألقى إلىّ من أمر العرب ما قد علم، وأجبته بما قد فهم، مما أحببت أن يكون منه على علم، ولا يتلجلج فى نفسه أن أمة من الأمم التى احتجزت دونه بمملكتها، وحمت ما يليها بفضل قوتها، تبلغها فى شئ من الأمور التى يتعزّز بها ذوو الحزم والقوة والتدبير والمكيدة، وقد أوفدت أيها الملك رهطا من العرب، لهم فضل فى أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم، فليسمع الملك، وليغمض عن جفاء إن ظهر من منطقهم، وليكرمنى بإكرامهم وتعجيل سراحهم، وقد نسبتهم فى أسفل كتابى هذا إلى عشائرهم».

(العقد الفريد ١: ١٠٣)

[٨ - كتاب عبد المطلب بن هاشم إلى أخواله بيثرب]

وروى الطّبرى أن هاشم بن عبد مناف كان شخص فى تجرة له إلى الشام، فسلك طريق المدينة إليها، فلما قدم المدينة نزل على عمرو بن زيد الخزرجى، من بنى عدىّ ابن النجار فخطب إليه ابنته سلمى، فأنكحه إياها، وشرط عليه ألّا تلد ولدا إلا فى أهلها، ثم مضى هاشم لوجهته قبل أن يبنى بها، ثم انصرف راجعا من الشام، فبنى بها فى أهلها بيثرب فحملت منه، ثم ارتحل إلى مكة وحملها معه، فلما أثقلت ردّها إلى أهلها، ومضى إلى الشام فمات بها بغزّة، فولدت له سلمى عبد المطلب- وكان اسمه شيبة- فمكث بيثرب سبع سنين أو ثمانى سنين.

ثم إن عمّه المطّلب بن عبد مناف خرج إلى المدينة ليأتى بابن أخيه، فأقبل به إلى مكة قد أردفه، فإذا لقيه الّلاقى وقال: من هذا وراءك يا مطّلب؟ قال: عبد لى، فسمّى عبد المطلب.

فلما قدم مكة وقفه على ملك أبيه وسلّمه إليه، فعرض له عمّه نوفل بن عبد مناف فى ركح (١) له، فاغتصبه إياه، فمشى عبد المطلب إلى رجالات قومه، فسألهم النّصرة على عمه، فقالوا: لسنا بداخلين بينك وبين عمك، فلما رأى ذلك كتب إلى أخواله يصف لهم حال نوفل، وكتب فى كتابه:


(١) ركح الدار: ساحتها وفناؤها.

<<  <  ج: ص:  >  >>