للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعا عبد الرحمن الناس إليه، فقال لهم: قد كان من رأيى فيما بينكم وبين عدوّكم رأى استشرت فيه ذوى أحلامكم وأولى التجربة للحرب منكم، فرضوه لكم رأيا، ورأوه لكم فى العاجل والآجل صلاحا، وقد كتبت إلى أميركم الحجاج، فجاءنى منه كتاب يعجّزنى، ويضعّفنى، ويأمرنى بتعجيل الوغول بكم فى أرض العدو، وهى البلاد التى هلك إخوانكم فيها بالأمس، وإنما أنا رجل منكم أمضى إذا مضيتم، وآبى إذا أبيتم». فثار إليه الناس، فقالوا: لا، بل نأبى على عدو الله، ولا نسمع له، ولا نطيع، وقام خطباؤهم فسفّهوا رأى الحجاج، ونادوا بخلعه، ومبايعة عبد الرحمن، فأجابهم الناس، ووثبوا إلى عبد الرحمن فبايعوه على النّصرة له، والجهاد معه حتى ينفى الحجاج من أرض العراق، وبعث عبد الرحمن إلى رتبيل فصالحه على أن ابن الأشعث إن ظهر فلا خراج عليه أبدا ما بقى، وإن هزم فأراده ألجأه عنده، وخرج من سجستان مقبلا إلى العراق، فلما دخل الناس فارس اجتمع بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنا إذا خلعنا الحجاج عامل عبد الملك فقد خلعنا عبد الملك، فخلعوه إلا قليل منهم، ووثبوا إلى عبد الرحمن فبايعوه على كتاب الله وسنة نبيه، وخلع أئمة الضلالة، وجهاد المحلّين. (تاريخ الطبرى ٨: ٨)

[٢٣٠ - كتب بين ابن الأشعث والحجاج وصاحب اليمن وعبد الملك]

قال الطبرى:

فلما بلغ الحجاج خلعه، كتب إلى عبد الملك يخبره خبر عبد الرحمن ويسأله أن يعجّل بعثة الجنود إليه، وبعث كتابه (أى كتاب عبد الرحمن) إلى عبد الملك يتمثّل فى آخره بهذه الأبيات- وهى للحارث بن وعلة (الجرمىّ) -:

<<  <  ج: ص:  >  >>