للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٩٥ - كتاب الوليد إلى أخيه سليمان]

وروى أن الوليد بن عبد الملك اشتكى، وبلغه قوارص وتقريض (١) من أخيه سليمان بن عبد الملك، وتمنّ لموته لما له من العهد بعده، فكتب إليه يعتب عليه، وفى آخر كتابه:

تمنّى رجال أن أموت، وإن أمت ... فتلك طريق لست فيها بأوحد

وقد علموا (لو ينفع العلم عندهم) ... لئن متّ ما الداعى علىّ بمخلد

منيّته تجرى لوقت وحتفه ... سيلحقه يوما على غير موعد

فقل للذى يبغى خلاف الذى مضى ... تهيّأ لأخرى مثلها فكأن قد (٢)

[٢٩٦ - رد سليمان على الوليد]

فكتب إليه سليمان:

«قد فهمت ما كتب به أمير المؤمنين، فو الله لئن كنت تمنيت ذلك تأميلا لما يخطر فى النفس، إنى لأوّل لاحق به، وأول منعىّ إلى أهله، فعلام أتمنّى مالا يلبث من تمناه إلا ريثما يحلّ السّفر (٣) بمنزل، ثم يظعنون عنه، وقد بلغ أمير المؤمنين ما لم يظهر على لسانى، ولم ير فى وجهى، ومتى سمع أمير المؤمنين من أهل


(١) القوارص من الكلام: التى تنغصك وتؤلمك، والتقريض: الذم (والمدح أيضا، ضد).
(٢) ورواية مروج الذهب: وكتب فى كتابه هذه الأبيات:
تمنى رجال أن أموت، وإن أمت ... فتك سبيل لست فيها بأوحد
لعل الذى يرجو فنائى ويدعى ... به قبل موتى أن يكون هو الردى
فما موت من قد مات قبلى بضائرى ... ولا عيش من قد عاش بعدى بمخلدى
فقل للذى يرجو خلاف الذى مضى ... تزود لأخرى غيرها فكأن قد
منيته تجرى لوقت، وحتفه ... سيلحقه يوما على غير موعد
(٣) السفر: جماعة المسافرين. ويظعنون: يرتجلون.

<<  <  ج: ص:  >  >>