للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدو على ضبط ما قبلى، فإنهم قد أرجفوا (١) بنا، واغتمزوا فينا (٢)، واستعدّوا لنا، ولو يجدونا فينا ضعفا أو يرون فينا فرصة ما ناظرونا (٣)، والسلام عليك».

(فتوح الشأم ص ١٤٣)

[١٣٣ - رد أبى عبيدة على عمرو]

فكتب إليه أبو عبيدة بن الجراح:

«أما بعد: فقد قدم علىّ عبد الله بن عمرو بكتابك، تذكر فيه إرجاف المرجفين، واستعدادهم لك، وجرأتهم عليك، للّذى (٤) بلغهم من انصرافنا عن الروم، وما خلّينا لهم من الأرض، وإن ذلك- والحمد لله- لم يكن من المسلمين عن ضعف من بصائرهم ولا وهن من عدوهم ولكنه كان رأيا من جماعتهم كادوا به عدوهم من المشركين ليخرجوهم من مدائهم وحصونهم وقلاعهم وليجتمع بعض من المسلمين إلى بعض، ويجتمعوا من أطرافهم، وينضمّ إليهم من كان قربهم، وينتظرون قدوم أمدادهم عليهم، ثم يناهضونهم إن شاء الله، وقد اجتمعت خيلهم وتتامّت فرسانهم، ووثقنا بنصر الله أولياءه، وإنجاز موعده، وإعزاز دينه، وإذلال المشركين، حتى لا يمنع أحدهم أمّه، ولا حليلته، ولا نفسه، حتى يتوقّلوا (٥) فى رءوس الجبال، ويعجزوا عن منع الحصون، ويجنحوا للسّلم (٦)، ويلتمسوا الصلح، «سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا».

ثم أعلم من قبلك من المسلمين أنى قادم عليهم بجماعة أهل الإسلام إن شاء الله، فليحسنوا بالله الظنّ، ولا يجدن أهل حربكم وعدوكم فيكم ضعفا، ولا وهنا، ولا فشلا، فيغتمزوا فيكم، ويتجرّءوا عليكم، أعزّنا الله وإياكم بنصره، وألبسنا وإياكم عافيته وعفوه، والسلام عليك».

(فتوح الشأم ص ١٤٤)


(١) أرجف القوم: خاضوا فى أخبار الفتن.
(٢) اغتمزه: طعن عليه ووجد بذلك مغمزا.
(٣) المراد: ما أنظرونا: أى ما أخرونا بل سارعوا بالهجوم علينا.
(٤) فى الأصل «الذى» وهو تحريف.
(٥) وقل فى الجبل كوعد وتوقل: صعد.
(٦) السلم: الصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>