للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتمادى به منا المنع، أن يجتمع منا أئمة صابرة، وفرقة خاشعة، وطائفة ممنوعة، وأخرى مدفوعة، فيدعو ربّهم تضرّعا وخفية إنه لا يحبّ المعتدين (١) والسلام».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٤؛ ومفتاح الأفكار ص ٢٧٣ والمواهب الفتحية ٢: ١٤٤)

[١٤٤ - كتابه إلى الحجبى]

وكتب إليه أيضا- وكان نهى بشرا عن التعرّض للوزراء ولأهل العراق-:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فإنك كتبت إلىّ تنهانى عن السلطان وعن قربه، ولست أعتذر إليك فى ذلك، إن دعانى السلطان سارعت، وإن أبطأ عنى تعرّضت. فإن كان الله تبارك وتعالى أحلّ لك خدمة أمير المؤمنين، ومنادمة الفضل، ومسامرة جعفر (٢)، وأباح لك أن تأخذ من أموالهم القناطير المقنطرة من الذهب والفضة (٣)، وحرّم علىّ مكاتبة الشّرط، ومراسلة البرد (٤)، والتخدم للحضّان (٥) والتعرّض للدّايات، وحظر علىّ من أموالهم ما أسدّ به الفورة (٦)، وأوارى به


(١) اقتبسه من قوله تعالى: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».
(٢) يعنى الفضل بن يحيى البرمكى، وجعفرا أخاه.
(٣) اقتبسه من قوله تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ... الآية».
(٤) البرد جمع بريد: وهو الرسول.
(٥) تخدم خادما: اتخذه، والحضان جمع حاضن، والحاضن والحاضنة: الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيانه، لأن المربى والكافل يضم الطفل إلى حضنه (بالكسر)، وكما تسمى المرأة التى تربى الطفل «الحاضنة» تسمى فى العربية أيضا «الداية» - وحرفت فى لغتنا العامية فقيل «الدادة» - والداية عربية فصيحة، قال الفرزدق:
رببية دايات ثلاث ربينها ... يلقمنها من كل سخن ومبرد
(ورب الصبى رباه حتى أدرك) ويرادفها أيضا «الظئر» بالكسر- العاطفة على ولد غيرها المرضعة له، فى الناس وغيرهم- وقد توسعوا فى كلمة الداية فاستعملت بمعنى القابلة.
(٦) فورة الحر: شدته، يعنى بذلك فوران النفس وجيشانها من شدة الجوع، أى ما أقضى به حاجتى

<<  <  ج: ص:  >  >>