للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنا قد سغبنا (١)، وأن يعطف علينا من قبل أن يزيغ قلوب فريق (٢) منّا، فعل، ف «إنّ الإنسان خلق هلوعا (٣)، إذا مسّه الشّرّ جزوعا، وإذا مسّه الخير منوعا» ولست أدرى ماذا أعتذر به اليوم إلى الناس فى أمرى عن الأمير! وهم يعلمون أنى قد رأيت فيه ثلثى أملى، ولم أبلغ فى نفسى ربع رجائى، أم ماذا ينتظر الأمير- حفظه الله- فىّ؟

بعد أن آتاه الله الملك، وعلّمه الحكمة (٤) ومكّنه من خزائن الأرض (٥)، وجعله فى الدنيا وجيها (٦)، وفى الإسلام مكينا. وعند الخليفة- أبقاه الله تعالى- مطاعا امينا (٧)، فمن يفر (٨) الأمير بعد هذه النعمة؟ أم من يعذره مع هذه الكرامة؟ ومن يرضى منه بأقلّ من جبره (٩)، إلا من سفه (١٠) نفسه، ولست آمن أن يتطاول علينا الجزع،


(١) مار أهله كباع: أتاهم بالميرة بكسر الميم وهى الطعام، وسغب كفرح ونصر: جاع، وفى الأصل «المنظوم والمنثور» «فإنا قد استعنا».
(٢) اقتبسه من قوله تعالى: «لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ».
(٣) الهلع: أشد الجزع.
(٤) اقتبسه من قوله تعالى: «رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ»، وقوله تعالى:
«وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ».
(٥) اقتبسه من قوله تعالى فى قصة يوسف: «قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ. وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ».
(٦) اقتبسه من قوله تعالى: «يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ».
(٧) اقتبسه من قوله تعالى: «مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ».
(٨) أى يحفظ عرضه من النقد.
(٩) فى الأصل «جبرانه» والذى فى كتب اللغة: «جبر العظم والفقير واليتيم كنصر جبرا بالفتح وجبورا بالضم، وجبارة بالكسر».
(١٠) أخذه من قوله تعالى: «وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>