للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة عبد الملك بن مروان (سنة ٦٥ - ٨٦ هـ)]

[١٣٩ - كتاب عبد الملك إلى عمرو بن سعيد بن العاص]

ولما خرج عبد الملك بن مروان سنة ٦٩ هـ لقتال زفر بن الحارث الكلابى (١) بقرقيسياء (٢)، غلب عمرو بن سعيد بن العاص (٣) على دمشق، ودعا الناس إلى بيعته (٤)، وكتب عبد الملك إليه حين خرج عليه:


(١) وذلك أنه لما مات معاوية الثانى بايع أهل دمشق الضحاك بن قيس الفهرى على أن يصلى بهم، ويقيم لهم أمرهم، حتى يجتمع أمر الأمة، وكان يهوى هوى ابن الزبير ويعمل لنصرته سرا إذ كان بنو أمية بحضرته، وكذلك كان النعمان بن بشير الأنصارى وهو على حمص، وزفر بن الحرث الكلابى وهو على قنسرين، وناتل بن قيس وهو على فلسطين يدعون إلى بيعة ابن الزبير، ثم نشبت الحرب بين جيش الضحاك وجيش مروان ابن الحكم فى مرج راهط (سنة ٦٤ هـ) ودارت الدائرة على جيش الضحاك وقتل هو وعامة أصحابه وانهزم بقيتهم فتفرقوا وفر زفر بن الحارث هاربا إلى قرقيسياء فاجتمعت إليه قيس فرأسوه عليهم.
(٢) قرقيسياء بياءين ويقال بياء واحدة (قرقيساء): بلد على الفرات.
(٣) هو عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الملقب بالأشدق لفصاحته، ولاه معاوية مكة، وولاه يزيد مكة والمدينة.
(٤) وذلك أنه لما كانت الفتنة بعد موت معاوية الثانى، وانحاز الضحاك بن قيس عن مروان بن الحكم واستمال الناس ودعا إلى ابن الزبير، التقى مروان وعمرو بن سعيد بن العاص، فقال عمرو لمروان هل لك فيما أقوله لك؟ فهو خير لى ولك، فقال مروان: وما هو؟ قال: أدعو الناس إليك وآخذها لك على أن تكون لى من بعدك، فقال مروان: لا، بل بعد خالد بن يزيد بن معاوية. فرضى عمرو بذلك، ودعا الناس إلى بيعة مروان فأجابوا، وبايع مروان بعده لخالد بن يزيد، ولعمرو بن سعيد بعد خالد، ثم مات مروان وخلفه عبد الملك. ولما اعتزم عبد الملك أن يخرج إلى العراق لقتال زفر بن الحارث سنة ٦٩ هـ وقيل لقتال مصعب بن الزبير سنة ٧٠ هـ- قال له عمرو: إنك تخرج إلى العراق وقد كان أبوك وعدنى هذا الأمر من بعده، وعلى ذلك جاهدت معه، وقد كان من بلائى ما لم يخف عليك، فاجعل لى هذا الأمر من بعدك، فلم يجبه عبد الملك إلى شىء، فلما خرج عبد الملك أغلق عمرو بن سعيد دمشق وخالف عليه، - قيل: كان عبد الملك قد استخلفه عليها، وقيل: إنه خرج مع عبد الملك ثم عاد إلى دمشق ليلا فغلب عليها- فكر عبد الملك راجعا إلى دمشق وحاصرها حتى صالح عمرا على أنه الخليفة بعده ففتح له دمشق، ثم إن عبد الملك احتال له حتى قتله.

<<  <  ج: ص:  >  >>