للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان سعد قد استكثر له سلبه، فكتب فيه إلى عمر، فكتب إليه عمر «تعمد إلى مثل زهرة، وقد صلى بمثل ما صلى به، وقد بقى عليك من حربك ما بقى تكسر قرنه، وتفسد قلبه! أمض له سلبه، وفضّله على أصحابه عند العطاء بخمسمائة».

وفى خبر آخر أن عمر كتب إلى سعد:

«أنا أعلم بزهرة منك، وإن زهرة لم يكن ليغيّب من سلب سلبه شيئا، فإن كان الذى سعى به إليك كاذبا فلقّاه الله، مثل زهرة فى عضديه يارقان (١)، وإنى قد نفّلت كلّ من قتل رجلا سلبه».

فدفعه إليه فباعه بسبعين ألفا.

(تاريخ الطبرى ٤: ١٣٥)

[١٩٩ - كتاب سعد إلى عمر]

وبعد أن تم الظفر للمسلمين فى هذه الوقعة «وقعة القادسية، وكانت سنة ١٤ هـ» كتب سعد إلى عمر: بالفتح.

«أمّا بعد: فإن الله نصرنا على أهل فارس، ومنحهم سنن من كان قبلهم من أهل دينهم، بعد قتال طويل، وزلزال شديد، وقد لقوا المسلمين، بعدّة لم ير الرّاءون مثل زهائها (٢)، فلم ينفعهم الله بذلك، بل سلبهموه ونقله عنهم إلى المسلمين.

واتّبعهم المسلمون على الأنهار، وعلى طفوف (٣) الآجام، وفى الفجاج، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ، وفلان وفلان، ورجال من المسلمين لا نعلمهم، الله بهم عالم كانوا يدوون بالقرآن إذ جنّ عليهم الليل دوىّ النحل، وهم آساد الناس لا يشبههم الأسود، ولم يفضل من مضى منهم من بقى إلا بفضل الشهادة، إذ لم يكتب لهم».

(تاريخ الطبرى ٤: ١٤٤)


(١) اليارق: السوار، كنى بذلك عن عظم شأنه، أى ومن كان فى مثل منزلته فلا يعيب من سلب سلبه شيئا.
(٢) يقال: هم زهاء مائة بضم الزاى وكسرها: أى قدر مائة.
(٣) الطفوف: جمع طف بالفتح. وهو الجانب والشاطئ. الآحام: جمع أحمة بالتحريك، وهى الشجر الكثير الملتف. الفجاج: جمع فج، وهو الطريق الواسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>