للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وإن جلّ- حقير عند صفحك، وذلك الذى عوّدك الله، فأطال مدّتك، وتمّم نعمتك، وأدام بك الخير، ورفع بك الشّرّ.

هذه رقعة الواله (١) التى ترجوك فى الحياة لنوائب الدهر، وفى الممات لجميل الذّكر، فإن رأيت أن ترحم ضعفى واستكانتى (٢)، وقلّة حيلتى، وأن تصل رحمى، وتحتسب (٣) فيما جعلك الله طالبا، وفيه راغبا، فافعل، وتذكر (٤) من لو كان حيّا لكان شفيعى إليك».

[٢٠٦ - رد المأمون عليها]

فكتب إليها المأمون:

«وصلت رقعتك يا أمّاه، حاطك (٥) الله وتولّاك بالرّعاية، ووقفت عليها وساءنى- شهد الله- جميع ما أوضحت فيها، لكنّ الأقدار نافذة، والأحكام جارية، والأمور متصرّفة، والمخلوقون فى قبضتها لا يقدرون على دفاعها، والدنيا كلّها إلى شتات (٦) وكل حىّ إلى ممات، والغدر والبغى حتف الإنسان، والمكر راجع إلى صاحبه (٧)، وقد أمرت بردّ جميع ما أخذ لك، ولن تفقدى ممّن مضى إلى رحمة الله إلا وجهه، وأنا بعد ذلك على أكثر مما تختارين، والسلام».


(١) الوله بالتحريك: الحزن أو ذهاب العقل حزنا، وهو ولهان وواله وآله، وهى ولهى ووالهة وواله وميلاه (بكسر الميم): شديدة الحزن والجزع على ولدها.
(٢) الاستكانة: الخضوع والذل.
(٣) احتسب بكذا أجرا عند الله: اعتده ينوى به وجه الله.
(٤) تعنى أباه الرشيد.
(٥) حاطه: حفظه وصانه.
(٦) الشتات: التفرق.
(٧) يعرض بالأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>