للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٢٤ - كتابه إلى بختيشوع]

وله إلى بختيشوع (١):

«فإنك ممن إذا أسّس بنى، وإذا غرس سقى، لاستتمام بناء أسّه، واجتناء ثمار غرسه، وأسّك قد بلى (٢) وقارب الدّروس، وغرسك فى حفظى قد عطش وشارف اليبوس، فتدارك بالبناء ما أسّست، وبالسّقى ما غرست.

قد جعلك الله ممن يحتمل الدّالة الكبيرة، لذى الحرمة اليسيرة، ورفعك عن أن تتلقّى استزادة المستزيد بعنف الحميّة والإعراض والنّبوة، لأن هذا من أخلاق من حدثت نعمته، وصغرت همته، فأمّا من انقادت النعم له فى أوّله وآخره، وكان له فى تشييد المكارم وربّ (٣) الصنائع، مثل سهمك. فإنه ينصف من نفسه، ويقضى عن حقه، ويحتمل دالّة المتحرّم (٤)، ويجاوز بالمستزيد غاية استحقاقه (٥)».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٦٣)


(١) هو بختيشوع بن جبرئيل بن بختيشوع الطبيب المشهور، وقد رفع المأمون منزلته، وأكرمه غاية الإكرام، وأخرجه معه إلى بلاد الروم حين خرج إليها سنة ٢١٣ هـ، وكان كذلك عظيم المنزلة عند المتوكل، وتوفى سنة ٢٥٦ - هـ انظر أخباره فى طبقات الأطباء لابن أبى أصيبعة ١: ١٣٥، وأخبار الحكماء لابن القفطى ص ١٠٢ (طبع أوربة).
(٢) فى الأصل «ثرى» وأراه محرفا، وإن صح فهو من ثريت الأرض كفرح: إذا نديت وابتلت ومعناه: قد ندى ورطب فتأكل، - وهو مع ذلك تخريج متكلف- أو هو محرف عن (ثرم)
من ثرمت السن كفرح: إذا انكسرت من أصلها.
(٣) رب الصنيعة كنصر: نماها وزادها وأتمها وأصلحها.
(٤) تحرم منه بحرمة: تمنع وتحمى بذمة.
(٥) قدمنا لك فى ص ٤٢٩ أن الشطر الأول من هذا الكتاب رواه ياقوت فى معجم الأدباء صادرا من عمرو بن مسعدة إلى الحسن بن سهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>