للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥٠٤ - كتاب على إلى أهل مصر]

عن مولى للأشتر قال: لما هلك الأشتر وجدنا فى ثقله (١) رسالة علىّ إلى أهل مصر:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى أمة المسلمين الذين غضبوا لله حين عصى فى أرضه (٢) وذهب بحقّه، فضرب الجور سرادقه على البرّ والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه.

سلام عليكم فإنى أحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرّوع حذار الدّوائر (٣)، أشدّ على الفجّار، من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ، فإنه سيف من سيوف الله، لا كليل الظّبة (٤) ولا نابى الصّريبة، حكيم فى السّلم، رزين فى الحرب، ذو رأى أصيل، وصبر جميل، فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم، ولا يحجم، ولا يؤخّر، ولا يقدّم إلا عن أمرى،


- أى الطعام والشراب أحب إليه؟ فقيل: العسل، فاستقبله، وقال: أنا رجل من أهل الخراج، وأتاه بعلف وطعام، حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما، فسقاه إياها، فما استقرت فى جوفه حتى تلف، وبلغ ذلك معاوية فقال: إن لله جنودا منها العسل. انظر تاريخ الطبرى ٦: ٥٤ ومروج الذهب ٢: ٢٩ - .
(١) الثقل: متاع المسافر.
(٢) قال ابن أبى الحديد فى شرحه: هذا الفصل يشكل على تأويله، لأن أهل مصرهم الذين قتلوا عثمان، وإذا شهد أمير المؤمنين عليه السلام أنهم غضبوا لله حين عصى فى الأرض فهذه شهادة قاطعة على عثمان بالعصيان وإتيان المنكر، ويمكن أن يقال- وإن كان متعسفا- إن الله تعالى عصى فى الأرض لا من عثمان، بل من ولاته وأمرائه وأهله، وذهب بينهم بحق الله، وضرب الجور سرادقه بولايتهم وأمرهم على البر والفاجر والمقيم والظاعن، فشاع المنكر وفقد المعروف الخ».
(٣) نكل عنه كضرب ونصر وعلم نكولا: نكص وجبن، والروع: الفزع، والدوائر: جمع دائرة وهى الهزيمة.
(٤) الظبة: حد السيف، والضريبة: ما يضرب بالسيف، ونبا السيف عن الضريبة: كل ولم يقطع، والمعنى ولا ناب عن الضريبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>