للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهاجر كالطّليق (١)، ولا الصّريح كاللّصيق (٢)، ولا المحقّ كالمبطل، ولا المؤمن كالمدغل (٣)، ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى فى نار جهنم (٤).

وفى أيدينا بعد فضل النبوّة التى أذللنا بها العزيز، ونعشنا (٥) بها الذليل، ولما أدخل الله العرب فى دينه أفواجا، وأسلمت له هذه الأمة طوعا وكرها، كنتم ممن دخل فى الدين إما رغبة وإما رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم، وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم، فلا تجعلن للشيطان فيك نصيبا، ولا على نفسك سبيلا».

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٤٢٤، ونهج البلاغة ٢: ١٢، ومروج الذهب ٢: ٦١، والإمامة والسياسة ١: ٨٨)

[٤٤٧ - كتاب معاوية إلى على]

واشتد القتال بين الفريقين ليلة الهرير، واقتتل الناس تلك الليلة كلّها حتى الصباح ولما رأى عمرو بن العاص أن أمر أهل العراق اشتد، وخاف فى ذلك الهلاك، دعاهم إلى تحكيم كتاب الله، فرفع أصحاب معاوية المصاحف بالرماح وقالوا: هذا كتاب الله عزّ وجل بيننا وبينكم، فوقعت الفرقة بين أصحاب على، فريق يقول: نجيب إلى كتاب الله وننيب إليه، وفريق يأبى إلا القتال حتى يتم الأمر، ويرون أنّ رفع


(١) يعنى بالمهاجر: نفسه، وبالطليق: معاوية، وقد تقدم ذلك، وفسره الأستاذ الشيخ محمد عبده فقال: «والمهاجر: من آمن فى المخافة وهاجر تخلصا منها» وأقول: إن التنظير الذى تنطق به عبارة الإمام على يقتضى التخصيص لا التعميم.
(٢) أصل اللصيق: الدعى فى قوم الملصق بهم وليس منهم، والمراد به هنا اللصيق فى الإسلام، فالصريح فيه: من أسلم اعتقادا وإخلاصا، واللصيق فيه: من أسلم كرها أو رغبة فى الدنيا وقد صرح بذلك بعد فقال: كنتم ممن دخل فى هذا الدين إما رغبة وإما رهبة.
(٣) أدغل فى الأمر: أدخل فيه ما يفسده، والدغل بالتحريك: الفساد.
(٤) لا يعيب على معاوية بأن سلفه كانوا كفارا، بل بكونه متبعا لهم، فقد نهج فى معاداة على نهج أجداده فى معاداة أجداد على.
(٥) وفى رواية «وأعززنا» ونعشه كمنعه وأنعشه ونعشه: رفعه، الأفواج: جمع فوج، وهو الجماعة من الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>