للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب فى آخر الكتاب:

اخترت نومك أن هبّت شآمية ... عند الهجير وشربا بالعشيات (١)

على طلابك ثأرا من بنى حكم ... هيهات من راقد طلّاب ثارات

[٣٣٥ - كتاب معاوية إلى يعلى بن أمية]

وكتب إلى يعلى بن أمية:

«حاطك الله بكلاءته (٢)، وأيّدك بتوفيقه، كتبت إليك صبيحة ورد علىّ كتاب مروان بخبر قتل أمير المؤمنين، وشرح الحال فيه، وإن أمير المؤمنين طال به العمر حتى نقصت قواه، وثقلت نهضته، وظهرت الرّعشة فى أعضائه، فلما رأى ذلك أقوام لم يكونوا عنده موضعا للإمامة والأمانة، وتقليد الولاية، وثبوا به وألّبوا عليه (٣): فكان أعظم ما نقموا عليه وعابوه به، ولا يتك اليمن، وطول مدّتك عليها، ثم ترامى بهم الأمر حالا بعد حال، حتى ذبحوه ذبح النّطيحة (٤) مبادرا بها الموت، وهو مع ذلك صائم، معانق المصحف، يتلو كتاب الله فيه، عظمت مصيبة الإسلام بصهر (٥) الرسول، والإمام المقتول على غير جرم، سفكوا دمه، وانتهكوا حرمته، وأنت تعلم أن بيعته فى أعناقنا، وطلب ثأره لازم لنا، فلا خير فى دنيا تعدل بنا عن الحق، ولا فى إمرة توردنا النار، وإن الله جل ثناؤه لا يرضى بالتّعذير (٦) فى دينه، فشمّر لدخول العراق، فأما الشام فقد كفيتك أهلها، وأحكمت أمرها، وقد كتبت إلى طلحة بن عبيد الله أن يلقاك بمكة، حتى يجتمع رأيكما على إظهار الدعوة،


(١) شآمية: أى ريح شآمية، وشربا معطوف على نومك.
(٢) كلأه كمنعه كلأ وكلاءة وكلاء بكسرهما: حرسه.
(٣) التأليب: التحريض.
(٤) النطيحة: التى ماتت من النطح.
(٥) تزوج سيدنا عثمان السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تزوج بعد موتها أختها السيدة أم كلثوم.
(٦) المعذر: المقصر الذى لا عذر له ولكن يتكلف عذرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>