للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما قولك: إنهم قد جاءهم ما لا قبل لهم به، فإن لا يكن لكم بهم قبل، فإن لله بهم قبلا، ولم يزل ربنا عليهم مقتدرا، ولو كنا والله إنما نقاتل الناس بحولنا وقوّتنا وكثرتنا، لهيهات ما قد أبادونا (١) وأهلكونا، ولكن نتوكل على الله ربنا، ونبرأ إليه من الحول والقوة، ونسأله النصر والرحمة، وإنكم منصورون إن شاء الله على كل حال، فأخلصوا لله نيتكم، وارفعوا إليه رغبتكم، واصبروا وصابروا ورابطوا واتّقوا الله لعلّكم تفلحون».

(فتوح الشأم ص ١٦٢)

وبعث إليه عمر سعيد بن عامر بن حذيم فى جيش مددا له.

[١٣٨ - كتاب باهان إلى قيصر]

وكتب باهان إلى قيصر:

«أما بعد: فإنا نسأل الله لك أيها الملك ولجندك وأهل مملكتك النصر، ولدينك وأهل سلطانك العزّ، فإنك قد بعثتنى فيما لا يحصيه من العدد إلا الله فقدمت على قوم فأرسلت إليهم، وهيّبتهم فلم يهابوا، وأطمعتهم فلم يطمعوا، وخوّفتهم فلم يخافوا، وسألنهم الصلح فلم يقبلوا، وجعلت لهم الجعل على أن ينصرفوا فلم يفعلوا، وقد ذعر منهم جندك ذعرا شديدا، وقد خشيت أن يكونوا الفشل قد عمّهم، والرعب قد دخل فى قلوبهم، إلّا أن منهم رجالا قد عرفتهم ليسوا بفرّار عن عدوهم، ولا شكّاك (٢) فى دينهم، ولو قد لقوهم لم يفرّوا حتى يظهروا أو يقتلوا، وقد جمعت أهل الرأى من أصحابى، وأهل النصيحة لملكنا وديننا، فاجتمع رأيهم على النهوض إليهم جميعا فى يوم واحد، ثم لا نزايلهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم».

ونشبت بين الفريقين وقعة اليرموك، وكانت النّصرة فيها للمسلمين، والدّبرة (٣) على المشركين، ولما انتهى خبر الهزيمة إلى ملك الروم وهو بأنطاكية، نادى فى أصحابه


(١) ما مصدرية، والمصدر المؤول فاعل هيهات، أى لوقعت إبادتهم لنا منذ زمن بعيد.
(٢) فرار وشكاك جمع فار وشاك.
(٣) الدبرة الهزيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>