للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنكم الأعلون، وإنها دار الله، وهو فاتحها عليكم تصديقا منا لقول نبينا صلى الله عليه وسلم (١) فاصبروا إن الله مع الصابرين.

واعلم أنك متى ما لقيت عدوّك، فاستعنت بالله عليهم، وعلم منك الصدق، نصرك عليهم، فقل إذا أنت لقيتهم: اللهم إنك الناصر لدينك، والمعزّ لأوليائك قديما وحديثا، اللهم فتولّ نصرهم، وأظهر فلجهم (٢) ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، وكن الصانع لهم، والدافع عنهم برحمتك، إنك الولىّ الحميد».

(فتوح الشأم ص ١١١)

[١٢٣ - كتاب أبى عبيدة إلى عمر]

ونهض المسلمون لقتال الروم فهزموهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وغلبوا على سواد الأردنّ وعلى أرضها، وكتب أبو عبيدة إلى عمر رضى الله عنهما:

«بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبى عبيدة بن الجراح، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فالحمد لله الذى أنزل على المسلمين المؤمنين نصره، وعلى الكافرين رجزه، أخبر أمير المؤمنين- أصلحه الله- أنا التقينا نحن والروم، وقد جمعوا لنا الجموع العظام، فجاءونا من رءوس الجبال، وأسياف (٣) البحار، وظنّوا أنه لا غالب لهم من الناس، فبرزوا لنا


(١) جاء فى سيرة ابن هشام فى الكلام فى غزوة الخندق ج ٢، ص ١٥٨. «قال ابن إسحاق:
وحدثت عن سلمان الفارسى أنه قال: ضربت فى ناحية من الخندق فغلظت على صخرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب منى، فلما رآنى أضرب ورأى شدة المكان على، نزل فأخذ المعول من يدى فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة (والبرقة بالضم ذات حجارة وتراب وحجارتها الغالب عليها البياض وفيها حجارة حمر وسود). ثم ضرب به ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى، ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى. قال قلت: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، ما هذا الذى رأيت يلمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال: أو قد رأيت ذلك يا سلمان؟ قلت: نعم قال: أما الأولى فإن الله فتح على بها اليمن، وأما الثانية فإن فتح على بها الشام والمغرب، وأما الثالثة فإن الله فتح على بها المشرق».
(٢) الفلج: الظفر والفوز.
(٣) سيف البحر بالكسر: ساحله.

<<  <  ج: ص:  >  >>