للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رغدا من معيشتك، ولو ابيضّت عيناك من الحزن (١)، أو عضضت على يديك (٢) فأبنتهما من الغبن، أو تقطّع قلبك من الهم، أو ذهبت نفسك حسرات (٣)، لما كان ذلك أرش (٤) ما خرجت به من دينك، ولا نذر ما لويت (٥) به من أمانتك، ولا قيمة ما فاتك من ربك، فإذا بلغت من نفسك المسكينة ما بلغت، ورضيت عنك نفسك الضعيفة بما صنعت، فلا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٥ ومفتاح الأفكار ص ٢٧٩)

[١٥٨ - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه جعفر]

وذكروا أن جعفر بن يحيى كان يدخل فى منادمة الرشيد حتى كان أبوه ينهاه عن منادمته، ويأمره بترك الأنس به، فيترك أمر أبيه ويدخل معه فيما يدعوه إليه.

وكتب يحيى إلى ابنه جعفر حين أعيته حيلته فيه:

«إنى إنما أهملتك ليعثر الزمان بك عثرة تعرف بها أمرك، وإن كنت لأخشى أن تكون التى لا شوى (٦) لها». (تاريخ الطبرى ١٠: ٨٣)


(١) اقتبسه من قوله تعالى: «وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ».
(٢) اقتبسه من قوله تعالى: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا» وأبانه قطعه.
(٣) اقتبسه من قوله تعالى: «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ».
(٤) الأرش: الدية.
(٥) لوى به: ذهب، ولوى بحقه: جحده إياه.
(٦) لا شوى لها: أى لا برء لها أو لا إبقاء لها، أشوى من الشىء: أبقى، والاسم الشوى، قال الهذلى:
قإن من القول التى لا شوى لها ... إذا زل عن ظهر اللسان انفلاتها

<<  <  ج: ص:  >  >>