للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا وأشباهه مكاسبك- تبرأ من كسبك من شىء من دينك إلى أحد من غرمائك إلا صرت بها تبرأ من ذلك إلى أهل الأرض، رهينة عند أهل السماء، ولا تصل بشىء من جمعك أحدا من ذوى قرابتك إلا كانت مسألة الله إياك عن قطيعتهم أهون عليك من محاسبته إياك بالذى وصل إليهم منك، ولا تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة (١) إلا وقّعت لك فى سجّين (٢)، ولا ترفع منزلة إلا هبطت بك أسفل سافلين (٣)، وما سلم- مع ما تعرف فى نفسك- قلبك، حتى عرفت به المشرق والمغرب إلا من ضعف قلبك، ولا فتح عليك حتى رجعت إلى أهلك إلّا من قلة عقلك، ولو نفرت فى الأرض حيران على وجهك (٤)، وركبت الفلك أنفا من حدثك، أو سرت إلى الجبال هربا من خطيئتك، أو ترمّمت (٥) العظام مع الكلاب، أو ولغت (٦) فضول الماء مع السباع، لما كان ذلك بقدر جرمك خفضا ودعة فى حياتك، وبقدر عملك


(١) اقتبسه من قوله تعالى: «وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ».
(٢) قال تعالى: «كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ. وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ.
كِتابٌ مَرْقُومٌ».
(٣) قال تعالى: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ».
(٤) اقتبسه من قوله تعالى: «كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا».
(٥) ترمم: تعرق، وتعرق العظم: أكل ما عليه من اللحم.
(٦) ولغ الكلب فى الإناء وفى الشراب ومنه وبه بلغ كيهب: شرب ما فيه بأطراف أسنانه، أو أدخل لسانه فيه فحركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>