للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووارث علم الأوّلين وفخرهم ... وللملك المأمون من أمّ جعفر

كتبت، وعينى تستهلّ دموعها ... إليك ابن عمى من جفونى ومحجرى (١)

وقد مسّنى ضرّ وذلّ كآبة ... وأرّق عينى يابن عمى تفكّرى

أصبت بأدنى الناس منك قرابة ... ومن زال عن كبدى فقلّ تصبّرى

وهمت لما لاقيت بعد مصابه ... فأمرى عظيم منكر حدّ منكر

سأشكو الذى لاقيته بعد فقده ... إليك شكاة المستهام المقهّر (٢)

وأرجو لما قد مرّ بى مذ فقدته ... فأنت لبثّى خير ربّ مغيّر (٣)

أتى طاهر (لا طهّر الله طاهرا) ... فما طاهر فيما أتى بمطهّر

فأبرزنى مكشوفة الوجه حاسرا ... وأنهب أموالى وأخرب (٤) آدرى

يعزّ على هرون ما قد لقيته ... وما نالنى من ناقص الخلق أعور

فإن كان ما أسدى بأمر أمرته ... صبرت لأمر من قدير مقدّر

تذكّر أمير المؤمنين قرابتى ... فديتك من ذى حرمة متذكّر

فلما قرأ المأمون شعرها بكى ثم قال: اللهم إنى أقول كما قال أمير المؤمنين علىّ ابن أبى طالب كرم الله وجهه لمّا بلغه قتل عثمان «والله ما أمرت ولا رضيت» اللهم جلّل قلب طاهر حزنا.

(تاريخ الطبرى ١٠: ٢١٣ ومروج الذهب ٢: ٣١٦)

[٢٠٥ - كتاب السيدة زبيدة إلى المأمون]

وكتبت إلى المأمون أيضا تستعطفه:

«كلّ ذنب يا أمير المؤمنين- وإن عظم- صغير فى جنب عفوك، وكل زلل


(١) استهل المطر: اشتد انصبابه، ومحجر العين كمجلس ومنبر: ما دار بها.
(٢) الشكاة: الشكوى، والمستهام: الهائم.
(٣) البث: أشد الحزن.
(٤) امرأة حاسر: حسرت عنها درعها وكشفته، وكل مكشوفة الرأس والذراعين حاسر، وأنهب ماله: جعله نهبا يغار عليه، ومن جموع دار: آدر وأدؤر، وقد روى بالوجهين.

<<  <  ج: ص:  >  >>